هذه المُفرَدة التاريخية تتحدثُ عن التصوف عند الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية القرشية العربية قبل وبعد قيام الدولة الأخيضرية باليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية (250 – 450 هجرية) و فترة ما بعد سقوط الدولة الأخيضرية وحتى يومنا الحاضر، والتصوف قديم عند البشر ومعروف عند العرب قبل الإسلام وبعده ويقومُ على الزهد وتزكية النفس من الأطماع والمسألة والإبتعاد عن المشاكل والخلافات والإمتناع عن سفك الدماء والنزاعات وانتهاب أموال الغير والحث على مكارم الأخلاق وإطعام الطعام وإفشاء السلام وإعانة المُحتاج والتواضع وحسن المعاملة والرقي الأخلاقي والإصلاح بين المتخاصمين وكف الأذى وتعددت صوره وعاداتُه ورجاله عبر التاريخ.
وقبل الإسلام كان قس بن ساعدة الإيادي متصوفاً زاهداً من شيوخ وأمراء العرب ومثله كان حاتم الطائي متصوفاً شيخاً كريماًِ محباً وداعياِ لمكارم الأخلاق بين العرب وسارت بذكره الركبان في وقته وبعد الإسلام نجدُ من شيوخ التصوف الحسن البصري نواحي البصرة جنوب العراق ثم سرى التصوفُ إلى الأشراف الهاشمية حسنية وحسينية نواحي الحجاز ودخلوا بادية الحجاز واعتزل الشيخ الأمير الشريف محمدُ بن القاسم الرسية الحسنية الهاشمية (281-199 هجرية) حياةَ الحواضر في المدينة المنورة نواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية واتخذ من وادي الرس في بادية الحجاز مُختلىً له ولأولاده وأوصى أولاده بسُكنى البوادي وترك الحواضر بعد أن صار ساكنو حواضر مكة المكرمة والمدينة المنورة من توابع العباسية المبغضين للأشراف الهاشمية وخَلَتْ حواضرُها من قريش آنذاك وابتنى مسجداً للعبادة واعتزل الثورات على العباسية وكان من مريديه ابن عمومته الشيخ الأمير الشريف إسماعيل بن يوسف الأخيضر الأول بن إبراهيم بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب المطلبية الهاشمية القرشية العربية.
وبعد جور ولاة العباسية على الأشراف الحسنية الهاشمية في أوقافهم بالحجاز قام الشريف إسماعيلُ بن يوسف الأخيضر الأول بالثورة عليهم ونجحت ثورثه وقامت إمارة الأشراف الأخيضرية في نواحي الحجاز ونجد بمعاونة حلفائه من عرب هوازن وبعد وفاته ونزول أخيه الشيخ الأمير الشريف محمد الأخيضر الأول بن يوسف الإخيضر الأول نواحي نجد وقيامه بتأسيس الدولة الأخيضرية باليمامة في نحو عام ٢٥٠ هجرية التفت الرجال حولهم من أعراق مختلفة من العرب ومن غير العرب وظهر التصوف ورجاله في أيام الدولة الأخيضرية (250 – 450 هجرية) في حواضرها وفي حياة الرعي في بواديها مثل المتصوف التابع الشرقي الفارسي (حيال) راعي الغنم.
وبعد سقوط الدولة الأخيضرية باليمامة في عام ٤٥٠ هجرية وتفرق الأشراف الأخيضرية شيوخاً وأمراء وقضاة عشائر في بوادي العرب استمر التصوف موجوداً ومعروفاً عندهم وصار منهم ومن توابعهم توابع التصوف والمحبة شيوخاً في التصوف بعد ذلك، مثل:
الشيخين المتصوفين المتعاصرين الشيخ المتصوف عبدالقادر الجيلاني الشرقي الفارسي (561-470 هجرية) وضريحه في بغداد نواحي العراق والشيخ المتصوف عَدِيَّ بنِ مُسَافِر الهَكَّاري الكردي (467 - 557 هجرية) وقبرُهُ في وادي لالش في بلاد الأكراد شمال العراق ثم ظهر بعدهما الشيخ الأمير الشريف رُشَيْد بن محمد الأول بن مضحي الأكبر بن عليان الأكبر بن فليح الأكبر القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية في القرن الحادي عشر الهجري وصار له أتباع ومريدون وبعد وفاته أقام له مريدوه قبة على قبره ببلدة بريدة في إقليم القصيم نواحي نجد وسط الجزيرة العربية حسب عادات أهل التصوف آنذاك تخليداً لذكرى وطريقة شيخهم وقامت القبة بدور روحي ودعم اجتماعي بين الأهالي آنذاك إلى أن اندثرت بعد ذلك وكذلك مثل الشيخ الأمير الشاعر الكبير الشريف راشد بن مبارك آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية المشهور في وقته بلقب راشد الخلاوي في القرن الثاني عشر الهجري الذي سلك طريق التصوف وسمع من شيوخ التصوف داخل وخارج جزيرة العرب وصار من شيوخ التصوف والتفتْ حوله الرجال والمريدين واختلي بنفسه في البادية ونرى نهجَه في التصوف يتجلَّى عذباً صافياً في قصيدته الملحمية المعروفة بروضة الشعر التي ابتدأها بمدح خير البرية وخاتم الأنبياء محمد بن عبدالله الهاشمي القرشي المطلبي - صلى الله عليه وسلم- وتنقضي صفحة التصوف عند الأشراف الأخيضرية بوفاته في نهايات القرن الثاني عشر الهجري وتفرق أتباعه ومريديه وبطُل التصوفُ في نواحي نجد عند الأشراف الأخيضرية وزالت عادات التصوف ومظاهره وطُمِسَتْ آثاره بعد النكبة الكبرى الأخيرة وتَغَلُّب توابعهم المُتمردة عليهم في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري وظهر كذلك في بلاد اليمن الشيخ الأمير المتصوف إبراهيم الملقب بأبي خطوة آل محيا الأخيضرية الحسنية الهاشمية في الفترة (٩٢٧-١٠٨٨ هجرية) بعد رحيله من أحلاف العرب في البادية نواحي نجد وسط الجزيرة العربية إلى جنوب غرب الجزيرة العربية وصار من شيوخ التصوف في وقته والتفتْ حوله التلاميذ والمريدين إلى وفاته في نواحي اليمن وضريحه ومسجده معروفات عند مدرسته ودياره إلى اليوم في نواحي تعز جنوب بلاد اليمن.
وأما التصوف عند الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية في الوقت الحاضر صار له أشكال ومظاهر أخرى من التدين حسب الظروف والبيئة المحيطة بهم ومنهم من لا يزال على طريق التصوف القديم المُتوارث مع توابعهم في تكتلات العشائر في اسم وحلف القبيلة العربية نواحي العراق والشام.
(أُعِدَّتْ مُلَخَّصَةً عن المصادر المخطوطة القديمة والمصادر المطبوعة وبالله التوفيق).
مصدر الصورة:
كتاب (راشد الخلاوي)، تأليف عبد الله بن محمد بن خميس.
https://www.alarabimag.com/books/26398-%D8%B1%D8%A7%D8%B4%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%88%D9%8A.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق