الخميس، 11 فبراير 2021

دَعْوَى إجبار الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية للناس على مَذْهَبِهِم ونَشْرِهِم له أيَّام حُكْمِهِم في اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية (250 – 450 هجرية).


هذه المُفرَدة التاريخية تُناقِشُ الرأيَ القائلَ بِإجبارِ الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية القرشية العربية للناس على مَذْهَبِهِم ونَشْرِهِم له أيَّام حُكْمِهِم في اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية (250 – 450 هجرية) وهو رأيٌ طَرَحَهُ الأديبُ المعجميُّ الشيخُ عبدُالله بن محمد ابن خَمِيْس (ت 1434 هجرية) رحمه الله في بعض مؤلفاته القَيِّمَة ومنها:
 
1 – الدَّرْعِيَّة العاصمة الأولى، عبدُالله بن محمد ابن خَمِيْس، ط2، 1414 هجرية، 1993 ميلادية، مطبعة الفرزدق التجارية، الرياض، السعودية، الصفحة: 41. 
2 - معجم اليمامة، ط1، 1398 هجرية، 1978 ميلادية، مطبعة الفرزدق، الرياض، السعودية، ج1، الصفحة: 41. 

وهذا الرأيُ مُسْتَنْتَجٌ من الخَبَر الوارد في نص كتاب الرحالة الفارسي ناصر خسرو عند وصفه لمدينة اليمامة (الخضرمة) أثناء مروره بها في عام 443 هجرية وأشَارَ فيه إلى مذهب الأشراف الأخيضرية إبان دولتهم:

1 – سفر نامه، أبو معين الدين ناصر خسرو الحكيم القبادياني المروزي (المتوفى: 481هـ(، الهيئة العامة المصرية للكتاب، ط2، 1993م، القاهرة، مصر، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، ترجمة الدكتور يحيى الخشاب، الصفحة 158: (...، وهؤلاء العلويُّون ذوو شوكة، فلديهم ثلاثمئة أو أربعمئة فارس، ومذهبهم الزيدية، وهم يقولون في الإقامة: "محمد وعلي خير البشر وحيَّ على خيرِ العمل").   
2 – سفر نامه، أبو معين الدين ناصر خسرو الحكيم القبادياني المروزي (المتوفى: 481هـ( عمادة شئون المَكتبات، جامعة الملك سعود، ط 1، 1983م، الرياض، السعودية، مطابع جامعة الملك سعود، ترجمة الدكتور أحمد البدلي، الصفحة 167: ( ...، وحُكَّام اليمامة من العلويين، وهم يحكمونَ المنطقةَ منذ زمنٍ بعيد. ولم يُخرِجْهَا أحدٌ من أيديهم ، لأنه لا تُجَاورُهُم سلطةٌ مركزية قوية تَضُمُّهُم إليها. ويتَمَتَّعُ هؤلاء الحُكَّام بشوكة عظيمة فلديهم ثلاثمائة إلى أربعمائة فارس. مذهبهم الزيدية، وهم يقولونَ في الأذان: " محمد وعلي خير البشر وحَيَّ على خير العمل").
 
وهذا الرأيُ من الشيخِ عبدالله ابن خميْس يذْهَبُ إلى أنَّ الأشرافَ الأخيضرية الحسنية الهاشمية القرشية حَمَلُوا الناسَ على اتِّبَاعِ مذهب الإمام الشريف زيد بن الحسين ونشرُوا مَذْهَبَهُ، وعند تأًمُّل هذا الرأي أجدُهُ رأياً قائماً على الافتراض أكثر من الاستنتاج ويَفْتَرِضُ بما أَنَّ البيتَ الأخيضري الحاكمَ يتَّبِعُ مَذْهَبَ الإمام الشريف زيد بن الحسين فإنَّ البيتَ الحاكمَ أجْبَرَ الناسَ عليه ونشَرَهُ، وهو رأيٌ افتراضي لَمْ تَذْكُــرْهُ المصادرُ القديمة المطبوعة المُتاحة ولم يَقُلْهُ الأستاذُ أيمنُ النفجان في كتابِهِ (الأمارة الأخيضرية) ويُعارِضُهُ مَا ورَدَ في المصادر المخطوطة القديمة المُتَنَاقَلَة من أيَّام الدولة الأخيضرية في إقليم اليمامة (250 – 450 هجرية) – التي لا تزال حبيسة الخزائن - أنَّ الأخيضريةَ لَمْ يُجبرُوا الناسَ على التَّشَيُّعِ لَهُم ولَمْ يَدْعُوا الناسَ إلى مذهبهم ولَمْ يُرسلُوا دعاةً بين قبائل العرب داخل نجد ولا خارجِهِ وإِنَّمَا الناسُ دَخَلُوا في حُبِّهِم بدون إجبار وأحبُّوْهُم لسيماهم الطيبة وحُسْنِ أخلاقهم ومُعامَلَتِهِم وكَانَ الأشرافُ الأخيضرية يرفعونَ رايتَهم البيضاءَ التي تَرْمُزُ للنقاء والخير والسَّلَام راية قريش القديمة المُتَوَارَثَة من أيَّام جَدِّهِم قُصَي بن كلاب ولَمْ يَتَدَخَّلُوا في أديانِ الناس - مُسْلِمِهُم وغير مُسْلِمِهِم - فضلاً عن مذاهبهم وكانَ من أهل الكتاب من يعيشُ بين ظهرانيهم نواحي الحجاز ثُمَّ في أيَّام دولتِهِم في إقليم اليمامة (250 – 450 هجرية) بَعْدَ عَوْدَتِهِم إلى الجزيرة العربية من نواحي الشَّام يلوذون بحماية الأشراف الحسنية الهاشمية عامة وبحماية الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية خاصةَ وبحماية حلفائهم من العرب لا يتعَرَّضُ لهم أَحَدٌ بسوء وتجرِي عليهم أحكامُ الدولة الأخيضرية مثل غيرِهِم وتَجْمِعُهُم مع غيرهم العصبيةُ للدولة الأخيضرية والحلفُ للقبيلة في النظام العشائري آنذاك وتَسَمَّوا باسم الدولة الأخيضرية واستَمَرَّ الأشرافُ الأخيضريةُ على هذا النَّهْج المُسَالِم الحَسَن بَعَدَ سقوطِ دولتهم في عام 450 هجرية ورَحِيْلِهِم إلى البادية وتَفَرُّقِهِم بين العرب وصَحِبَهُم في رحلاتهم حلفاؤُهُم من المسلمين ومن غير المسلمين ومنهم من أهل الكتاب مسُلِمتِهِم ومن لايزال على دينه الكِتَاِبِي في البوادي نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي اليمن جنوب غرب الجزيرة العربية إلى وقتِ نزول ذراريهم بَعْدَ ذلك مع ذراري الأشراف الأخيضرية من بلاد اليمن إلى نواحي نجد بَعْدَ انقطاع المطر والخلافات على المراعي والموارد في النصف الأول من القرن التاسع الهجري ومنهم من وَاصَلَ الرحيل مع حلفائه من الأشراف القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية إلى جهات القدس ديار فلسطين نواحي الشَّام وكانَ منهم علماء الدين اليهود وقُرَّاءِ الكُتُب السماوية.

وفي تاريخ الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية الطويل المُمْتَد يُوْجَدُ في البيت الشريف الأخيضري الواحد أحياناً تَنَوُّع في المذاهب والمدارس وبعضُهُم صَارَ من شيوخ المذهب والمدرسة ومن علمائها وتَجِدُ الأبَ زيدياً يَتَمذْهَبُ بمذهب الإمام الشريف زيد بن الحسيْن وابنه مالكي وابنه الآخر شافعي وابنه الآخر إمامي اثني عشري، ومنهم متصوفين ومنهم غير متصوفين، وكانُوا مُتصالِحِيْنَ لا يتدَخَّلُوْنَ في دين أو مذهب أحدٍ منهم أو في دينِ أو مذهبِ غيرهم، ولا يُضَايِقُوْنَ أحَداً لاختلافِ دينٍ أو مَذْهَبٍ.

(أُعِدَّتْ مُلَخَّصَةً من المصادر المخطوطة القديمة والمصادر المطبوعة، وبالله التوفيق).




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق