الخميس، 11 فبراير 2021

دَعْوَى مُحاربةِ الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية للنظام القَبَلِيِّ أيَّام دولتِهِم نواحي نجد وسط الجزيرة العربية (٢٥٢ – ٤٥٠ هجرية).


هذه المُفرَدة التاريخية تُناقِشُ الرأيَ القائلَ بمُحاربة الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية القرشية العربية للنظام العشائري والقبائل العربية وتقريبهم للموالي وغير العرب وهو رأيٌ طَرَحَهُ الأديبُ المعجميُّ الشيخُ عبدُالله بن محمد ابن خَمِيْس (ت ١٤٣٤ هجرية) رحمه الله في بعض مؤلفاته القَيِّمَة ومنها:
 
١–معجم اليمامة، ط١، ١٣٩٨ هجرية، ١٩٧٨ ميلادية، مطبعة الفرزدق، الرياض، السعودية، ج١، الصفحة: ٤١. 

٢–تاريخ اليمامة، ط١، ١٤٠٧ هجرية، ١٩٨٧ ميلادية، مطابع الفرزدق التجارية، الرياض، السعودية، ج١، الصفحة: ٧، ج٤، الصفحة: ٨٦.

٣-الدَّرْعِيَّة العاصمة الأولى، ط٢، ١٤١٤ هجرية، ١٩٩٣ ميلادية، الصفحتان: ٤١، ٦٨.
 
وهذا الرأيُ مُسْتَنْتَجٌ من النصوص الإخبارية الثلاثة الواردة عند:

١–ابن حوقل، صورة الأرض، ط١، ١٩٩٢ ميلادية، دار مكتبة الحياة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان. الصفحة: ٣٨، خبر غير مؤرخ لرحيل جماعات من ربيعة ومضر وتميم من نواحي اليمامة إلى ديار مصر وأخذهم لمناجم التعدين هناك، الصفحة: ٥٨، خبر آخر لرحيل جماعات من ربيعة ومضر من نواحي اليمامة إلى ديار مصر وأخذهم لمناجم التعدين هناك في عام ٢٣٨ هجرية وهو تفصيل للخبر الذي قَبْلَه على ما يبدو. 
٢–الحموي، معجم البلدان، دار صادر، بيروت، لبنان، ج٤، الصفحة: ٣١٩، مادة قران، خبر انتقال أهل قُرَّان من اليمامة إلى البصرة بسبب مُقَاسَمَتِهِم وجدبِ أرضهم في عام ٣١٠ هجرية.

وهذا الرأيُ الذي يذْهَبُ إلى أنَّ الأشرافَ الأخيضرية الحسنية الهاشمية القرشية حَكَمُوا إقليم اليمامة: " ... فَمَحَوا العصبيةَ العربيةَ من هذه البلاد وشَتَّتُوا شَمْلَ القبلِيَّة ليُهَاجِرَ عربُ اليمامة وما حولَهَا إلى شمالي أفريقيا والسودان وسواد العراق وتخوم الشَّام " (تاريخ اليمامة، عبدالله ابن خميس، ج١، الصفحة: ٧) لم يُدِلِ به الأستاذُ أيمنُ النفجان في كتابه (الأمارة الأخيضرية، ط١، ١٤٣١ هجرية، ٢٠١٠ ميلادية، دار المؤلف للنشر، عنيزة، السعودية) بل وعارَضهُ الأستاذُ أيمن ضمنياً بقوله: " قَدِمَ الأخيضريون من البادية وعَادُوا لَهَا " (الأمارة الأخيضرية، أيمن النفجان، الصفحة: ١١٢) وتُعَارِضُهُ كذلك النصوصُ الواردة في المَصادر القديمة المخطوطة التي لا تزال حبيسة الخزائن إذ كيفَ تُحاربُ الأشرافُ الأخيضريةُ النظامَ العشائريَّ والقبائلَ العربيةَ وهم جزءٌ منها ورأَوا في الدخول في البادية خيْرٌ لهم آنذاك من البقاء في الحواضر وكاَنَتْ القبائلُ العربيةُ من نسيج دولتهم وهُم إحدى ركائز حُكْمِهِم والنظام العشائري هو من طبيعة السًّكَّان في بيئتهم الصحراوية نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وسَاعَدَتْهُم القبائلُ العربية من هلال وسُلَيْم وعامر بن صعصعة وقُشَيْر وجَعْدَة والحَرْيْش وبنو عُقَيْل وفروعِ هوازن والعربِ المُحالفين لهم في تأسيس الدولة الأخيضرية في عام ٢٥٢ هجرية في إقليم اليمامة بعدما تفرقُوا بين العرب ودَخَلُوا في البادية نواحي الحجاز ونجد وانقَطَعُوا مِنْ حِلْفِ قبيلتهم الأصليَّة قريش وَرَحَلُوا بَعْدَ ذلك من ديارها القديمة نواحي الحجاز إلى نواحي نجد وسط الجزيرة العربية بَعْدَ ثورة الأمير الشريف إسماعيل بن يوسف الأخيضر الأول على العباسية وجور ولاتها نواحي الحجاز ووقوف حلفائه من عرب هوازن إلى جانب الأشراف الأخيضرية ناقمين على العباسية إقصائهم العرب وتقريبهم المَوالي وغير العرب وليسَ من المعقولِ أنْ يَنتَهِجَ الأشرافُ الأخيضريةُ ما انْتَهَجَهُ بعضُ بني العباس في دولتهم من إقصاء العرب وتقريب للموالي وغير العرب وبنو العبَّاس هُم الأجدَر بهذا الرأي المُستَنْتَج وهم الذي جيَّشُوا الجيوشَ بقيادة الترك والفُرس وغيرهم لمحاربة القبائل العربية نواحي نجد والحجاز في الجزيرة العربية.
  
وأَمَّا تبريرُ الشيخِ عبدالله ابن خميْس رحمه الله لهذا الاستنتاج بقوله: "وحَارَبُوا القَبَلِيَّة حَرْباً شَعْوَاءً وشَدَّدُوا الضَّغْطَ على القبائل العربية بحُكْمِ أنها دائماً مصدرُ قلقِ للحاكمِ في هذه البلاد" (معجم اليمامة، عبدالله ابن خميس، ج١، الصفحة: ٤١) هو تعميم لخلافات مُحَدَّدَة حَدَثَتْ ما بين هوازن وبعضِ العربِ الآخرين حول مناجم المَعَادن في ديار هوازن القديمة ولعدم عِلْمِهِ أَنَّ رحيلَ هلال وفروع هوازن في السنوات الأواخر للدولة الأخيضرية بسبب القحط والخلافات والمُضَايقات من الجماعات النازلة من بلاد اليمن إلى نواحي نجد، ويظهرُ لي من خلال استقرائي لما وَرَدَ في هذه الاستنتاجات (تاريخ اليمامة، عبدالله ابن خميس، ج٤، الصفحة: ٨٦) أَنَّها مُحَاوَلَة منه لتفسِيْر صفة (خَضِير) صفة موجودة في نواحي نجد تُطْلَقُ على البيوت الفرديَّة المُستقِلَّة عن التكتلات العشائرية وهي صفة معروفة عند العرب قديماً قَبْلَ تأسيس الدولة الأخيضرية في عام ٢٥٢ هجرية في إقليم اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وتُطْلِقُهَا العربُ على العربي الأصلي المُنْقَطِع مِنْ حِلْفِ قبيلته الأصليَّة بسببٍ الخلافات أو الرحيْل عن ديار القبيلة الأم الأصلية أو تَقَطُّع القبيلة الأصليَّة واضمحلالها.
       
(أُعِدَّتْ مُلَخَّصَة من المَصادر المطبوعة والمَصادر المخطوطة القديمة وبالله التوفيق).
مصدر الصورة:
كتاب (معجم اليمامة، عبدالله بن محمد ابن خميس ت ١٤٣٤ هجرية، ط١، ١٣٩٨ هجرية، ١٩٧٨ ميلادية، ج١). 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق