الأربعاء، 17 فبراير 2021

صفة (خَضِيْر) عند العرب .. التاريخ والمعنى والأسباب.


من عادات العرب قديماً إطلاق الأسماء والألقاب والصفات والنعوت وهذه المفردة التاريخية تتحدثُ عن صفة عربية قديمة موجودة ومعروفة عند العرب من قبل مجيء الإسلام وقبل قيام الدولة الأخيضرية في اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في عام ٢٥٠ هجرية وهي صفة: (خَضِيْر) وما تزال هذه الصفة معروفة عند العرب نواحي نجد وسط الجزيرة العربية حتى يومنا هذا لأسباب. 

وصفة: (خَضِيْر) تُطْلِقُهَا العربُ قديماً على المُنقطع منهم من حلف قبيلته الأصلية بخلافات أو اضمحلال قبيلته والعربُ تصفه بهذه الصفة ما دام مُنقطعاً من حلف قبيلته الأصلية الذي هو من صُلّبِها سواءّ ظل مُنفرداً بعد هذا الانقطاع من حلفها أو دَخَلَ في حلف قبيلة أخرى. 

وأما الإنقطاع من حلف القبيلة يحدُثُ في الغالب بأسباب الخلافات في داخل القبيلة أوالرحيل عن حلفها وديارها او اضمحلال القبيلة وتَقَطُّع حلفها بعد حرب وانكسار أو رحيلها عن ديارها وتَفَرُّقِهَا ولم يبق من أثر لها سوى اسمها الذي ينتسبُ إليه بعض البيوت في ديارها القديمة ولم يعد لها حلف يربطُها ولا يوجد لها مشيخة عشائرية تجمعُهَا ولا تكتلات عشائرية تلُمُّهَا ولا كيان قبيلة قائمة يشمُلُهَا. 

وأمَّا صفة (خَضِيْر) في لغة العرب هي مَخْضُور بمعنى مقطوع شبهوه بالغصن المقطوع من الشجرة وجعلوه على وزن فعيل كقولهم للمقتول (قَتِيْل) فهو مقطوع مِنْ حلِفِ قَبِيْلَتِهِ العربية الأصليَّة وما يقتَضِيْهُ الحلفُ من إلتزاماتٍ مِنْ غُنْمِ وغُرْمٍ وحِمَايَةٍ ونُصْرَة ٍوإعانَةٍ ونحوِهِ وهي وصفٌ للحال عندهم وليس ذماً مثل ما وصفتْ العربُ الولدََ الذي مات والدُه قبل بلوغه باليتيم وإذا تعَدَّى وصفُ الحال إلى غرض التنقُّص والتقليل من الشأن فهي إساءة وتنابز بالألقاب. 

والأشراف الهاشمية الأصلية من الأصلاب متفرقين بين العرب وغير العرب داخل وخارج جزيرة العرب، وعددهم قليل بالنسبة إلى المضافين في نسب الأشراف الهاشمية، والأشراف الهاشمية الأصلية والمُضافون فيهم لا توجدُ لهم قبيلة قائمة واحدة تجمعهم باسمها باسم جدهم (هاشم) في حلف واحد وفي مشيخة شمل واحدة وآخر مشيخة شمل لهم كانتْ في وقت شيخ شمل عشائر العرب وأمير نجد وحليف العرب الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية المتوفى في عام ١١٧٣ هجرية وكانتْ مشيخته عشائرية عربية في العرب والأشراف الهاشمية القرشية ولم تكن مشيخة هاشمية فقط على الأشراف الهاشمية القرشية، وأما الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية القرشية العربية حالهم كحال غيرهم من الأشراف الهاشمية الأصلية وبعض العرب تنطبقُ عليهم صفةُ (خَضِيْر) من أيام تركهم لديار وحلف أبناء عمومتهم بني هاشم  وحلف قبيلتهم الأصلية قريش نواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية ودخولهم في أحلاف بوادي العرب في عرب هوازن نواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية ونواحي نجد وسط الجزيرة العربية وكما هو معروف فإنَّ رحيل الجماعات والأفراد البشرية وتفرق ذراريهم في النواحي والديار هو قديم من قبل وبعد مجيء الإسلام.

وأما صفة (خَضَيْر) هي صفة عربية قديمة كما أسلفتْ وتظهرُ في ناحية من من ديار العرب إثر واقعةٍ وأحداث وتختفي بعد ذلك مع مرور الزمن وظهرتْ بعد أحداث الجور ووقائع النكبات الكبريات الثلاث على الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية من توابعهم في السنوات وتوسَّعوا في إطلاقها:
 
١- ٩٤٠ هجرية نواحي جنوب غرب الجزيرة العربية شمال اليمن. 
٢- ١٠٧٠ هجرية نواحي نجد وسط الجزيرة العربية. 
٣- ١١٩٨ هجرية نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وما قبلها وبعدها من أحداث. 

وأطلقها عليهم توابعُهُم الكثيرون ومن وافقهم من بعض العرب بعدما نكبوهم بهذه النكبات الكبريات الثلاث بقصد التنقصَ والتقليل من شأن متبوعيهم الأشراف الهاشمية وحلفائهم من العرب لانقطاعهم من حلف قبيلتهم العربية الأصلية (قريش) ودخولهم في أحلاف القبائل العربية الأخرى او عدم دخولهم فيها. 

وأما توابع الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية الذين يُسمَّونَ في المصادر المخطوطة القديمة بالموالي فكثيرون داخل وخارج جزيرة العرب ويعرفون باسمائهم وألقابهم وأعراقهم ومنهم من يضيفُ نسَبَهُ في متبوعيه الأشراف الهاشمية ومنهم من لَحِقَ في إضافات آلتكتلات العشائرية ويُأَلِّبون العربَ عليهم بعد هذا اللحُوق إثر عتقهم أو انفلاتهم ومنهم كذلك في بيوت فردية.

وأما العربي الأصلي من عرق العرب الذي انقطعَ من حلف قبيلته الأصلية بخطف أو سبي ووقع عليه الرقُ أو غير العربي من الأعراق الأخرى كالكرد (الكردي الأصلي هو يهودي عربي) والترك والجركس والروم والبربر والفرس والهنود والأحباش والشرقيين الديالمة والسومرية حُراً كانَ أم وقعَ عليه الرقُ فتصفه العربُ قديماً بصفة (المولى) وليس بصفة (خَضِيْر) حَتَّى لو التحق بحلف قبيلة عربية وصار في عدادها وأخذَ المشيخةَ والأمارة فيها على العرب فتظل العربُ تصفه بالمولى.

وفي أحداث الجور في النكبات الثلاث الكُبريات وفي النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري وواقعة النكبة الكبرى الثالثة الأخيرة على الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية والأشراف الخواورة الحسينية الهاشمية وحلفائهم من العرب نواحي نجد وسط الجزيرة العربية أطلقتْ توابعهم المتمردون عليهم ومن وافقهم من بعض العرب عليهم صفةَ (خَضِيْر) بعد انكسارهم بقصد التقليل من شأنهم والإساءة إليهم وتضييع أنسابهم وتنفير بقية العربِ الأصلية عنهم و لم يكتفوا بذلك بل شملوا إطلاق صفة (خَضِيْر) على جميع البيوت الفردية غير المُضافة في تكتلات عشائرية وهذا التوسع في إطلاق صفة (خَضِيْر) على كل بيت فردي البيت العربي والبيت غير العربي هو مُخالف لما كانتْ عليه العربُ قديماً من إطلاق صفة (خَضِيْر) فقط على البيت العربي الأصلي من عرق العرب بعد انقطاعه من حلف قبيلته العربية الأصلية. 

وخلاصة الحديث أنَّ صفة (خَضِيْر) هي مجرد صفة حال مُتعلقة بالإنقطاع من الحلف الأصلي و لا علاقة لها بالنسب وليست صفة ذم وهي صفة قديمة عامة عند العرب وليست مخصوصة فقط بالأشراف الهاشمية أو بعض العرب أو البيوت الفردية وهي كذلك صفة مختلفة عن صفة (المولى).

وَبعد مرور اكثر من ١٤ قرناً على تفرُّق الأشراف الهاشمية الأصلية بين العرب وغير العرب لم تتكوَّن لهم قبيلة باسمهم باسم جدهم الأعلى (هاشم) مع العلم أن القبيلة بعد مرور القرون عليها أصبحتْ أحلافاً من العرب ومن غير العرب ومن إضافات توابع العرب ومن توابع الأشراف الهاشمية الأصلية.

(أُعِدَّتْ مُلخصةً من المصادر المخطوطة القديمة وبالله التوفيق). 
مصدر الصورة: الإنترنت.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق