مَرَّتْ العربُ بظروفٍ تاريخية تخلَّلَتْهَا فتراتُ قوة وظهور وضعف وخفاء وخلافات وتحالفات فيما بينها وظهَرَتْ خلالها الوسوم وتَشَكَّلَتْ وانتشَرَتْ داخل وخارج جزيرة العرب والوسوم عندَهُم تختلِفُ في تواريخ وأسباب نشؤها ومعانيها ولِكُلِّ وسمٍ شَكْل ودلالة ومَعْنَى سواء أكان قديماً عريقاً أو ناشئاً فيما بَعْدَ ظهور الإسلام.
وإنْ كانَ الوسمُ عند العرب في أصله لتمييز ملكية الإبل والمُقتنيات والديار والمراعي والآبار والقبور والسِّلاح وغيرها فله دلالة ومعنى عند العرب واختيار مَاهيَّة وشكل الوسم عندهم انتقائية وليسَت عشوائية والعربُ يأخذون شَكْلَ وسومهم من بيئتهم الصحراوية في الجزيرة العربية كأداة أو حيوان ونحوه ومنها وسمُ قريْش العِرقَاة (الصَّلِيْب +) أَخَذُوْهُ مِنْ حياةِ الرَّعْيِ والوِرْدِ على الآبار في بيئتهم الصَّحراوية وللوسم عند العرب دلالة رمزيَّة على النَّسَب بالإضافة إلى دَلالةِ المُلْكِيَّة والهَيْبَة والقُوَّة لذلك قالَتْ العربُ: (وَسْمُكَ أَصْلُكَ) ومنه دلالة ومعنَى وسم قريْش العِرْقاة (الصَّلِيْب +) من حيث النَّسَب فهو يَدُلُّ على رابطة قَوِيَّة من جِنْسٍ واحدٍ ومَعْنَاهُ أكيديَّة نسَبِ قريْشٍ في أصْلِ وصُلْبِ العَرَبِ.
وبالنسبَة لحقَبِ وفترات نشوء وسوم الإبل عند العرب فيُمكِن تحقِيْبها من حيث القِدَم والعراقَة إلى الحِقْبَتَيْن التاليتين:
1 – حقبة وسوم ما قبل مجيء الإسلام، مثل: وسم قريش العرقاة + .
2 - حقبة وسوم ما بعد مجيء الإسلام. مثل: وسم الحافر C ووسم الكلوب J ووسم المغزل T.
وأَمَّا وسم قبيلة قريش قَدِيْمٌ وتاريخه من قبل مجيء الإسلام والوسُوم العربية القديمة كوسم قريش نجدُ لها ذِكْرٌ وإشارة في المصادر والمراجع العربية القديمة ككتاب المُخَصَّص لابن سيِّدِهِ (... – ٤٥٨ هجرية) نقلاً من ابن دريد (٢٢٣ - ٣٢١ هجرية) في كتابه جمهرة اللغة وككتاب التعليقات والنوادر للهجري (القرن الثالث وأول القرن الرابع).
وأَمَّا الوسوم التي ظهرَتْ بعد الإسلام على فتراتٍ مُخْتَلِفَة كالوسوم التي ظَهَرَتْ بأسباب الواقعات والانكسارات والخلافات بين العرب وانكسار بعض العرب أمام عربٍ آخريْن وإلزامهم جماعياً بوسم مُعَيَّن وفترة سنوات شمول القبائل في القرن الحادي عشر الهجري وظهور الرايات والأحلاف الجديدة التي حَلَّتْ مَحَلَّ سابقاتها ويُمْكِن تقسيم هذه الحقبة إلى فَتَرَاتٍ حسب الواقعات الكبيرة والحوادث التي كانَ لها تأثير في التاريخ خصوصاً تاريخ بوادي العرب نواحي الجزيرة العربية، ومن هذه الفترات:
أ – فترة أيَّام الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٢ – ٤٥٠ هجرية).
ب – فترة ما بعد سقوط الدولة الأخيضرية باليمامة ( بعد ٤٥٠ هجرية).
ج – فترة الواقعات بين العرب شمال اليمن بسبب القحط والخلافات على تقسيم المراعي في النصف الأول من القرن التاسع الهجري (قبل ٨٤٠ هجري).
د – فترة رحلات العرب بعد القحط والخلافات على المَرَاعِي ونزولهم من اليمن إلى نواحي نجد (بعد ٨٤٠ هجرية).
هـ - فترة منتصف القرن العاشر الهجري إلى منتصف القرن الحادي عشر الهجري (٩٤٠ – ١٠٥٠ هجرية) رجوع العرب من الغرب.
و – فترة ما بعد مُنتصف القرن الحادي عشر الهجري وسنوات شمول القبائل (بعد ١٠٥٠ هجرية).
ويُمكن تقسيم الوسوم عند العرب أيضاً من حيث الاكتمال والنقص والإضافة إلى الوسوم التالية:
1 – الوسوم الكاملة، مثل: وسم قريش العرقاة + ووسم الباب[] (شكله مستطيل كامل من أربعة أضلاع) .
2 – الوسوم الناقصة، مثل: وسم الباب الناقص ] (مستطيل غير كامل فقط ثلاثة أضلاع ينقُصُه الضلع الرابع).
3 – الوسوم المُضَافُ إليها (تعديل بالإضافة) ، مثل: وسم الكلوب J أصله وسم المطرق | وتم عقف طرفه أو أُضِيْفَ عليه عقفة أو انحناء أو شرطة.
وأَمَّا الوسم الكامل هو الوسم المُكتَمِل ومنها ما يدل يَدُلُّ على الهَيْبَة والقُوَّة والسَّيْطَرَة مثل وسم العرقاة + وسم قبيلة قريش.
وأَمَّا الوسم الناقص غير الكامل (غير المُكتَمِل) يتخذُهُ بعضُ العربِ تجنُّباً لمُعارضَة العرب الآخرين لهم في وضع الوسم الكامل على مُمتلكاتهم داخل حلف القبيلة اللاحقِين فيها لسببٍ ما.
وأَمَّا الوسم المُضَافُ إليه هو وسم كامل يُضَافُ عليه وسم آخر أو شاهدٌ آخر في نفس موضع الوسم أوفي موضع آخر وهذه الإضافة إِمَّا تكون مُتَّصِلَة ومُلامِسَة للوسم أو مُنْفَصِلَة عنه ولا تُلامِسُهُ وهذه الإضافة غير المُلَامِسَة تَتِمُّ بما تَعَّدَدَتْ عليه الأسلافُ في الأحلافِ عبر مرور الزمان والرحلات.
وللأسف لَمْ تَكُن جميع وسوم الإبل عند العرب اختياريَّة ففي بعض الأحوال هي وسوم جَوْرٍ إجبارية أو عِقَاب إلزاميَّة بديلاً عن وسمهم السابق بعد تغُلُّب ضِد أو انكسارٍ في واقعة حرب أو ارتكابِ جنايةٍ شنيعة لذلك يُمكن تقسيم الوسوم عند العرب من حيث الاختيار أو الإجبار إلى الوسوم التالية:
1 – وسوم اختيارية، اتخَذَها العربُ باختيارهم ورضاهُم، مثل: وسم قريش العرقاة + .
2 – وسوم إجبارية، اتخَذَها العربُ بدون اختيارهم ورضاهُم، مثل: وسم الدائرة أو الحلقة O ووسم الكلوب J .
3 – المَنْعِ من وسم الإبل، مثل: منع الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية من وضع ووسمهم العرقاة + على إبلهم وممتلكاتهم واقعة الجَوْر والنكبات الكبريات الثلاث وعادوا إلى وضعه بعدما خفَّتْ وطئة توابعهم البيض المتمردة عليهم في نواحي جنوب غرب الجزيرة العربية ديار قحطان وفي نواحي نجد وسط الجزيرة العربية.
وأَمَّــــا الإجبار بوسم مُعَيَّن فيكون بسبب إجبار وتَسَلُّطِ الأضداد المُتَغلِّبِيْن عليهم وإجبارهم لهم بتركِ وسمهم السابق الأصلي والوَسْمِ بوسم آخر بَدِيْل أو بالإضافة المُتَّصِلَة المُلامِسَة للوسم السابق الأصلي لإشعارهم بالانكسار وتمييزهم عنهم ولذلك بعضُ ذراري العرب المَجبورة بوسم إجباري تُسَمِّي الوسم الطاريء الإجباري باسم آخر غير اسمه الأصلي المُسَمَّى به عند نشوئه جهلاً منهم بالاسم الأصلي أو تحاشياً له أو من اسم شكل الوسم الجديد الناتج عن الإضافة عليه وأَمَّــا مَنْعُ الأضدادُ الجائرين لذراري مَنْ وقَعَ عليهم الجَوْرُ من وسم إبلهم بوسمهم الأصلي مع أَنَّ هذه الذراري المنكوبَة هم أصحاب هذا الوسم الأصلي فهو بغرض تضييع هويتهم وأصلهم وطمسِ آثارِهِم ومحو ذِكْرِهِم.
(أُعِدَّتْ مُلخصةً من المصادر المخطوطة القديمة وبالله التوفيق).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق