الأربعاء، 17 فبراير 2021

صفة (بني خَضِيْر) عند وليم جيفور بالجريف في كتابه (وسط الجزيرة العربية وشرقها) المُتَرْجَم إلى اللغة العربية في مصر.


هذه المفردة التاريخية تَتَحَدَّثُ عن صفة (بني خَضِيْر) عند وليم جيفور بالجريف الإنجليزي البريطاني في كتابه المُتَرْجَم إلى اللغة العربية (وسط الجزيرة العربية وشرقها، ترجمة صبري محمد حسن، ط١، ٢٠٠١ ميلادية، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، مصر، الجزء الأول والجزء الثاني، ج١/ ٥٢٤ و ٥٢٥، ج٢/ ٩٣) وبالجريف هو مُستكشِف ومُبَشِّر يسوعي ومُستشرق مولود في إنجلترا وكانَ موجوداً ما بين عامي (١٨٢٦ ميلادية - ١٨٨٨ ميلادية) الموافقَيْن للعامَين (١٢٤١ هجرية أو ١٢٤٢ هجرية - ١٣٠٥ هجرية أو ١٣٠٦ هجرية) فهو من رجال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين. 

وأَمَّا هذا الكتاب هو رحلتُه التي زار فيها معانَ والجوفَ وحائل وبريدة والرياض والأفلاج والهفوف والقطيف والبحرين وقطر وعُمان وجمعَ من خلالها مادة علمية أصيلة ممَّا سمِعَهُ وشاهَدَه وهو يتميَّزُ عن غيره من الرحَّالة الأوائل بالتوصيف الاجتماعي مع التحليل والتعليق والإستنتاج وكتبَ كتابًا باللغة الإنجليزية هو قطعة أدبية راقية أَحْسَنَ فيها اختيار ألفاظه ومصطلحاته وأوردَ فيها تفاصيلَ كثيرة تشدُ الانتباه وتوُحي بغزاره مادته خلال رحلته التي استغرقَتْ منه حوالي عاماً كاملاً.

وأَمَّا رحلة بالجريف إلى نواحي الجزيرة العربية كاَنَتْ فيما بين العامين ١٢٧٩ هجرية و ١٢٨٠ هجرية وكانَ حينها في بلدة حجر اليمامة (الرياض) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية عند وورد أخبار انتهاء حرب عُنَيْزَة في إقليم القصيم نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في عام ١٢٨٠ هجرية تحديداً أي بعد مرور ٨٠ عاماً هجرياً على أحداث النكبة الكبرى الثالثة الأخيرة وجور وقيام التوابع المُتمردة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري وبدأتْ أحداثُ تلك الفتن في عام ١١٥٧ هجرية بتمرد الرعيان التوابع على متبوعهم الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية شيخ شمل العرب وأمير نواحي نجد وسط الجزيرة العربية آنذاك وانتهتْ في عام ١٢٠٠ هجرية بقتل التوابع غدراً وتدبيراً لمتبوعهم الشيخ الأمير الشريف حمد بن محمد آل مضحي القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية شيخ العربان نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي حائل شمال الجزيرة العربية وتوالتْ بعدها بعضُ الأحداث والواقعات نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي حائل شمال الجزيرة العربية وخُتِمَتْ بتغلُّب التوابع المُتمردة على متبوعيها الأشراف الهاشمية وانتهابهم لهم وزوال أمارات ومشيخات الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في النواحي والديار وإطلاق هذه التوابع المتمردة الباغضة ومن وافقهم من العرب صفة (خَضِيْر) على متبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بقصد ذمِّهم والتقليل من شأنهم بعد كسرهم لهم وتغلُّبِهم عليهم وخروج متبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة من التكتلات العشائرية في أحلاف قبائل العرب في البوادي إلى بيوت فردية في الحواضر وإجبارهم لهم على حرفٍ تترفَّعُ عنها بقيةُ العرب لكسر نفوسهم وإضاعة نسبهم وتنفير العرب عنهم وهو الإطلاق الثالث الأخير لهذه الصفة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية ليس وصفاً للحال بل بقصد تنقُّص وذمِّ ونبز متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الهاشمية خصوصاً والأشراف الهاشمية الأصلية خاصة وحلفائهم من العرب عامة لتفرق بيوتهم بين العرب وغير العرب في النواحي والديار داخل وخارج جزيرة العرب ومنهم اللاحق في حلف واسم ونسب قبيلة عربية ومنهم من ترك الأحلاف العربية ولم يحالفْ بعدها أحداً من العرب ولانقطاعهم من حلف قبيلتهم الأم العربية الأصلية (قريْش) وعدم تكوُّن قبيلةٍ واحدة لذراري الأشراف الهاشمية الأصلية تَجْمَعُهُم في حلف واحد وفي ديار واحدة بعد مرور القرون الطويلة - باسم جدهم الأعلى (هاشم) مثلاً - واستمرَّتْ ذراري هذه التوابع الكثيرة المُتمردة ومن وافقهم من العرب في إطلاق هذه الصفة جيلاً بعد جيل من تلك الأيام حتى يومنا الحاضر بقصد التنقص والذم توارثاً وتناقُلاً للبُغض والتنقُّص من أسلافهم المتمردة الباغضة وترديداً بدون علم بمعناها الأصلي عند العرب قديماً.
 
وأَمَّا صفة (خَضِيْر) فهي صفة عربية قديمة معروفة عند العرب قبل تأسيس الدولة الأخيضرية باليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية بمساندة أخوالهم عرب هوازن في عام ٢٥٢ هجرية وقد أطلقها العربُ قديماً على العربي الأصلي من عرق العرب المُنقطِعِ من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بخلاف أو رحيل عن الديار أو تَقَطُّع حلف قبيلته الأم العربية الأصلية واضمحلالها وتَفَرُّق بيوتها وما دام مُنقطعاً من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية فهو (خَضِيْر) ولذلك فبيوت الأشراف الهاشمية الأصلية هي (خَضِيْر) لانطباق وصف الحال عليهم وتفرُّقهم داخل وخارج جزيرة العرب وانقطاعهم من حلف قبيلتهم الأم العربية  الأصلية (قريش) وأَمَّا العربي الأصلي المُنقطِعِ من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بخطف أو سبي أو من كانَ من عرق غير العرب فقد أطلقَتْ عليه العربُ صفةَ (مولى تابع) حتَّى وإِنْ لَحِقَ في تكتل عشائري في حلف واسم ونسب قبيلة عربية وأخذَ المشيخة والأمارة في القبيلة أو أخذ الحُكْمَ والسُّلطانَ في النواحي والديار داخل وخارج جزيرة العرب ومدحته الشعراءُ بالقصائد ووُصِفَ بألقاب المشيخة والأمارة والسُّلطان فتظلُ العربُ تصفُه بصفة (مولى تابع). 

وبالجريف ذكر صفةَ (خَضِيْر) في موضعين من كتابه؛ مرةً في سياق حديثه عن الذراري المُتَوَلِّدَة من تزواج عرق الزنج الأفريقي مع غيره، ومرةً أخرى في سياق حديثه عن سكان بلدة الخَرْفَة في إقليم الأفلاج نواحي نجد وسط الجزيرة العربية التي زارها خلال رحلته من بلدة الرياض (حجر اليمامة) إلى إقليم وادي الدواسر نواحي جنوب نجد وسط الجزيرة العربية، والنصين اللذين يُرِدُ فيهما ذِكْرُ هذه الصفة العربية (خَضِيْر) كما يلي (انظر صور صفحات الكتاب):

النص الأول: (... وهذا أيضاً مصدر كبير أيضاً من مصادر المواطنين السود أو السُّمُر في الجزيرة العربية. 

وسرعان ما يتزوَّجُ هؤلاء المُتحرِّرون الجُدُد. والآن، وبرغم أَنَّ الزنجي أو المُوَلَّد لا يُسْمَحُ له على الفور بالإنضمام إلى دوائر الحياة الأرستقراطية، إضافةً إلى أَنَّ أيَّ رئيس عربي لا يسمَحُ بتدريج ابنته من شخص أسود .... فإنَّ العَبِيْدَ يستطيعون، وبلا أية صعوبة، تزويج بناتهم وأبنائهم من بنات الأُسَر المتوسطة أو دون المتوسطة، وتنتجُ عن ذلك ذرية خلاسية يُكَنُّونَها هُنَا باسم "الخضيرية" أو إِنْ شِئْتَ فَقُل "بنو خضير"، يجبُ أَلَّا يَنْصَرِفَ ذهنُ القاريء هنا، إلى أَنَّ لحمَ المُوَلَّد هنا يُشْبِهُ لونَ العشب الأخضر، كما تَقُولُ التسمية، والسبب في ذلك أَنَّ الألوان: الأخضر، والأسود، والبُني، يجري الخلطُ بينهما في الكلام العربي العامي، برغم أَنَّ الفرقَ بين هذه الألوان، معروف وثابت، بطبيعة الحال، في المعاجم، وفي السياقات التي تحتاجُ إلى الدقة. وهؤلاء الخضيرية، بدورهم، يتزوَّجُون، ويتكاثرون، وينتحِلونَ أشياءَ لها لون العشب الأخضر، والزمرد الأخضر، والأوبال، وما إلى هذه الأشياء، أو بعبارة أدق ينتحِلُون أشياءَ بنية اللون، أو نحاسية اللون أو زيتونية اللون، وذلك الذي يُطْلِقُ الأمريكانُ عليه اسمَ اللون الأصفر، وأنا أستلطفُ أسلافَ هؤلاء الخضيرية وأجدادهم، فهُم لا يحتلُّونَ مكاناً، كما ينبغي، بين الأعيان أو طبقة العشرة آلاف، ومع ذلك، فهم قد يُحَقِّقُونَ ذلك بمرور الزمن؛ ولقد شرفتُ أنا بنفسي بكثير من حب وحميمية عدد كبير من هؤلاء الخضيرية، الذين كانَ كل منهم يُعَلِّقُ في خصره سيفاً له مقبض من الفضة، ويلبسُ ثوباً غالياً على جسده الأسمر، ولكنهم يُسَمُّونَهُ هنا شيخاً أو أميراً، ويُغازله العربُ من سلالة إسماعيل وقحطان، غزلاً وضيعاً، والرياض تَعُجُّ بهؤلاء الخضيرية 
).
 
انتهى النصُ مُجتزءاً ومُختصراً. 


النص الثاني: (...، وبلدة الخَرْفَة، كما يُسَمُّونَها، تحتوي على ثمانية آلاف مواطن أو أكثر، والماءُ وفيرٌ في الخرفة، وتجودُ البساتين فيها أكثر من أي مكانٍ آخر في الافلاج، ويتَسَاوَى عددُ الخَضِيْرِيَّة، أو إِنْ شِئْتَ فقُلْ المُوَلَّدِينَ، مع عدد السكان البِيْض؛ والسُّكان البيض شأنُهُم شأن أقاربهم الزنوج يرفُضُونَ الاعترافَ بالقميص العربي، ويَكْتَفُونَ بلف فوطة من حول خصرهم. ...). 
انتهى النصُ مُجتزءاً. 

ويُمكِن قراءة وتلخيص ما قاله بالجريف عن صفة (خَضِيْر) بالكلمات التالية:

(الخضيرية أو بني خضير هي تسمية تُطْلَقُ على الذراري الخِلاسِيَّة المُتَوَلِّدَة من التزاوج بين عرق الزنجي الأفريقي الأسود وبين عرق العرب).

انتهى التلخيص.

ويمكن مُناقشة وتحليل بعض ما قاله بالجريف عن صفة (خَضِيْر) كالتالي:


وأَمَّا الأصل في لون عرق العرب هو سُمرة العرب التي تُسَمَّى الأدمة وبزواج العرب وتسرِّيهم النساء من الأعراق البشرية الأخرى قبل الإسلام وبعده ظَهَرَتْ في ذراريهم درجات الألوان بعد دخول دماء غيرهم فيهم. 

 وبحسب كلام بالجريف فصفة (خَضِيْر) تُطْلَقُ على من كانَ أخضر البشرة دون تمييز ما بين من كان أخضراً وهو من عرق العرب وبين من كان أخضراً وهو من عرق غير العرب ولهذا ربَطَ بالجريف بين صفة (خَضِيْر) ولون (الخُضْرَة) وبالتالي فهذه الصفة عنده مأخوذة من خُضْرَة لون البشرة ومعلوم أَنَّ بالجريف ناقل ونَقَلَ إلينا ما شاهده وسمعه من عوام الناس بما فيهم ذراري التوابع المُتمرِّدَة الباغضة الذين يخلطون ما بين صفة (خَضِيْر) التي أطلقتها العربُ قديماً على العربي الأصلي من عرق العرب المُنقطع من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بخلافات أو رحيل أو اندثار القبيلة لبيان انقطاعه وبين صفة (أخضر) التي تُطْلَقُ على أخضر لون الجلد من الناس والعوام مازالوا يُطْلِقُوْنَ صفة (خَضَر) للمُفرد في اللغة الدارجة على الشخص أخضر اللون وصفة (خُضْرَان) للجمع على الأشخاص أخاضرة اللون، ولذلك بالجريف سَمِعَ بعض العوام بما فيهم فيهم ذراري التوابع المُتمرِّدَة يُطْلِقُونَ صفة (الخضيرية) و (بنو خضير) على ذوي البشرة الخضراء فاستنتج أَنَّها صفاتٌ مأخوذة من لون البشرة الأخضر دون نقلٍ عن مصدر مادي محسوس قديم تَحَدَّثَ عن صفة (خضير) معنىً ولغةً وأَمَّا صفة (خَضِيْر) وما يُشتَقُّ منها ألفاظ على أوزان وقياسات مختلفة فهي صفة عربية معروفة قديماً عند العرب قبل تأسيس الدولة الأخيضرية باليمامة في عام ٢٥٢ هجرية وفقاً للمصادر المخطوطة القديمة المُتناقلة من أيام الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وقبلها ولا علاقة لها بلون البشرة الأخضر سوى الاشتراك في الأصل اللغوي (خ ض ر) ويُوجدُ من العرب من العرق الأصلي للعرب بشرتُهم مائلة للبياض الشديد ومع ذلك يُطْلَقُ عليهم صفة (خَضِيْر) بسبب انقطاعهم من حلف قبيلتهم الأم العربية الأصلية ويُوجدُ كثيرٌ جداً من ذراري العرب الأصلية من عرق العرب انقطعوا من حلف قبيلتهم الأم العربية الأصلية الذين هم من صُلْبِها بخلاف أو رحيل أو اندثار القبيلة وما زالوا مُنقطعين من الحلف الأصلي وتَنْطَبِقُ عليهم صفةُ (خَضِيْر) سواءً لحقتْ بيوتُهم في أحلاف قبائل أخرى أو انفردوا على ظل سيوفهم وتركوا تكتلات العشائر وأحلاف العرب، والعربُ تُسَمِّي من كان أبوه من عرق العرب وأمه من عرق غير العرب: هَجِيْناً بينما تُسَمِّي العربُ من كان أبوه من عرق غير العرب وأمه من عرق العرب: مقرفاً، هذا من حيث امتزاج عرق العرب وعرق غير العرب، وأَمَّا من حيث لون البشرة فالعربُ سَمَّتْ من كانَ لونُه بين لوني أبٍ أبيض وأُمٍ سوداء أو العكس: خِلاسِيّاً، والخَلْسُ في لغة العرب هو الخَلْط والخَلِيْس هو الخَلِيْط عندهم، وأَمَّا (العربي) الأصلي عند النسابين الأصوليين هو من كان أبوه عربياً أصلياً من عرق العرب بغض النظر عن عرق أمه سواءً أكانتْ عربية أو غير عربية و(المولى التابع) عندهم من كان أبوه من عرق غير العرب سواءً أكانتْ أمه عربية أو غير عربية، وكَانَتْ العربُ لا تُوَلِّي أبناءَ الإماء وفي وقت العباسية ببغداد خرقوا هذه العادة وولَّوا أبناءَ الإماء، ومع النظرة الدونية لبعض العرب إلى أبناء السَّراري فإنَّ (هاجر) أم إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام كانَتْ أم ولد. 

ويُلاحظُ عدمُ ضبط صفة (بنو خضير) و (الخضيرية) بالحركات في هذه الترجمة العربية وأَمَّا صفة (بنو خضير) على وزن بنو فَعِيْل و (الخضيرية) على وزن الفَعِيْلِيَّة هما مجرد اختلاف أوزان لغوية ولهما نفس المعنى وكليهما مأخوذتان من نفس الصفة (خَضِيْر) وجميعهم ما زالوا يُلْفَظُونَ بنفس الأوزان والحركات على ألسُن الناس حتى اليوم في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وهو لفظٌ مُطابقٌ للضبط الوارد في المصادر المخطوطة القديمة المُتناقلة جيلاً بعد جيل. 

وأَمَّا صفة (خَضِيْر) في لغة العرب فهي صفة على وزن فَعِيْل مأخوذة من الصفة (مَخْضُور: على وزن مَفْعُول) بمعنى (مقطوع: على وزن مَفعول) شَبَّهُوْهُ بالغصن المقطوع من شجرته وجعلوه على وزن (فَعِيْل) كقولهم للمقتول: (قَتِيْل) وهي ليستْ باسم شخص وليستْ باسم جد وليستْ باسم مكان وليستْ صيغة لفظية لحلفٍ عشائري ينتَسِبُونَ إليه وليستْ صفة نَسَب وإنما هي مجرد صفة حال تصِفُ بها العربُ العربيَ الأصليَ لبيان انقطاع حلفه من قبيلته الأم العربية الأصلية وما يترتَّبُ على هذا الانقطاع من عدم التزام قبيلته اتجاهه بلوازم الحلف من غُنمٍ وغُرْمٍ وحماية ونُصرة ونحوه وهذا الإنقطاع يحدثُ بسبب الخلافات في داخل القبيلة أو اضمحلال القبيلة وتقطُّع حلفها بسبب الحروب والواقعات مع العرب الآخرين وهذه الصفة ليستْ للثناء أو للذم عند العرب وهي مُماثلة لوصفهم الولد الذي ماتَ والدُه باليتيم قبل بلوغه وإذا تعدَّى وصفُ الحال غرضَه الأصلي القديمَ عند العرب إلى التنقُّص والتقليل من شأن الغير أصبح إساءةً وتنابز بالألقاب وهو ما لم تفعله العربُ من قبل ذلك وإنما فعلته الموالي التوابعُ الباغضة المُتمردة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في آخر مرة كما بيَّنْتُ سابقاً.
 
ويُلاحظُ في كلام بالجريف وصفُه للزنوج الأفارقة بصفة العبودية (عَبِيْد)، وفي واقعنا المُشاهد نسمعُ العوامَ يطلقون لفظَ العبودية (عَبْد، عبيد) على كل من كان من عرق الزنج الأفارقة او من كان لون بشرته سوداء كالزنج ولو كان عربياً أصلياً من عرق العرب ودخلته دماءُ وملامح الزنج وهذا تعميم وفوضى عند العوام في إطلاق لقب العبودية إما جهلاً أو حسداً أو تعالياً على الزنج وترفعاً على اللون الأسود وعلى من كان لونه أسوداً كلون الزنج الأفارقة، وليس من المعقول إطلاق لفظ العبودية على أكثر سكان قارة أفريقيا من الزنوج، ولفظ العبودية الحقيقية عند النسابين الأصوليين إنما يطلق فقط على من وقع عليه الرق فعلاً من أي عرق ولون وثبَتَ بدليل نقلي مادي محسوس قديم للقديم ومتأخر المتأخر ومعاصر للمعاصر، والأصل في جميع البشر هو الحرية وأَمَّا العبودية فأمر طاريء والآن مع تطور العلوم والمعارف الإنسانية المعاصرة تم إبطال العبودية وتم تجريم هذه الأعمال الشنيعة من خطف وسبي واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان وعُدَّ الإتجارُ بالبشر من أكبر الجرائم، وفي نفس الوقت في الواقع المُشاهد وجدنا العوام عادةً لا يطلقون لفظَ العبودية (عبد، عبيد) على من كانَ أبيضَ البشرة ووقعَ عليه الرقُ والخطف والجلب من الكرد والترك والجركس والفرس والهند والبربر والبعض يُطْلَقُ عليهم لفظُ (مملوك، مماليك) مع أَنَّ من وقعَ عليه الرقُ والأَسر والخطف والجلب من هذه الأعراق ذوي البشرة البيضاء والحمراء والشقراء كثيرون جداً وكانوا يُباعونَ بسعر أعلى في أسواق النخاسة من ذوي البشرة السوداء والطلب على شرائهم أكثر وهم أقل معاشرةً وأسوء سيرة مع متبوعيهم وكان عند الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية من أيام دولتهم الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) ودخولهم بوادي العرب بعد سقوطها في عام ٤٥٠ هجرية الكثير من التوابع من أعراق مختلفة وأكثرهم توابع من ذوي البشرة البيضاء والحمراء والشقراء وهذه التوابع وذراريهم لحقوا في تكتلات العشائر في أحلاف العرب وألَّبوا التوابعَ الآخرين والعربَ على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية ونكبوهم وتمرَّدوا وتكالبوا عليهم مرات وفعلوا في متبوعيهم الأفاعيل الشنيعة وخلعوا طاعتَهم وسلوا السيوف في وجوههم وقتلوهم وعذَّبوهم وشرّدوهم ونهبوهم وتغلبوا عليهم وطمسُوا ذكرهم ومحوا آثارهم وأطلقُوا عليهم صفةَ (خضير) أكثرَ من مرة بقصد الذم والتنقص والبُغض وما أصاب الأشرافَ الهاشمية عامة والأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية خاصة من أذى ونكبات توابعهم البيض كانَ أشد عليهم مِمَّا أصابهم من الأموية والعباسية والقرمطية وغيرهم. 

وكذلك بالجريف أشارَ إلى دور العامل الإقتصادي في تزاوج الزنوج الأفارقة والمولَّدين بين عرق الزنج وغيره مع الأُسَر في كافة طبقات المجتمع الاقتصادية وخاصة من الطبقة المتوسطة وغير المتوسطة ومع مرور الزمان يأخذون مكاناً رفيعاً في المجتمع والرحالة موزل قبله أشار إلى الدور الفاعل للعوز الإقتصادي في التصاهر بين الأعراق في المجتمع العربي والتخلِّي عن الشروط الطبقية. 

وبالجريف شاهدَ كثيراً ممن سَمَّاهم بالخَضَيْرِية في مدة إقامته في مدينة الرياض (حجر اليمامة) في إقليم العارض نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ورآهم يزاولون أعمالهم الخاصة في التجارة في الدكاكين وحمل السلاح والأعمال العسكرية وهذه إشارة على تَحَضُّرهم في القُرَى وتركهم لحياة البوادي وهذا في المقابل هو علامة على الحاجة لهذه الأعمال وعلامة على الضعف عند العرب الذين يروون في البداوة والفروسية والرعي في بوادي العرب علامة على القوة.

وهذا في سياق تاريخي بحت ونحمدُ اللهَ الذي أنعم على البشرية بتطور أفكارها وظهرتْ ثقافةُ حقوق الإنسان واحترام كرامة وآدمية البشر وصارَ العملُ محل احترام وتقدير.

وإلى مُناقشة أخرى حول هذه الصفة العربية القديمة. 

(أُعِدَّتْ مُلخصةً من المصادر المخطوطة القديمة وبالله التوفيق).
مصدر الصورة:
كتاب (وسط الجزيرة العربية وشرقها، ترجمة صبري محمد حسن، ط١، ٢٠٠١ ميلادية، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، القاهرة، مصر، الجزء الأول والجزء الثاني، ج١/ ٥٢٤ و ٥٢٥، ج٢/ ٩٣). 

الجزء الأول من الكتاب:

https://ketabpedia.com/%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%8A%D9%84/%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B4%D8%B1%D9%82%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%81/




















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق