الثلاثاء، 2 مارس 2021

جواب الأشراف القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من شيوخ عرب الجزائر نواحي البصرة جنوب العراق على خطاب والي بغداد اسكندر باشا الجركسي في القرن العاشر الهجري.


هذه المُفردة التاريخية تتحدثُ عن جواب الأشراف القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من شيوخ عرب الجزائر نواحي البصرة جنوب العراق على خطاب والي بغداد اسكندر باشا الجركسي في القرن العاشر الهجري وجاءَ رداً رصينَ اللغة والمنطق والبيان وتأكيداً منهم على حق الدفاع عن النفس والأرض من تمدد واحتلال الترك لديارهم وافتخاراً بالفروسية العربية والشجاعة وخيلهم العربية الأصيلة واعتزازاً بفرسانهم التي تحركتْ بين العرب مند سقوط الدولة الأخيضرية باليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في عام ٤٥٠ هجرية، وهذا الجواب من  العالم قاضي الشرع الشيخ محمد بن الحارث على لسان أهل الجزائر وهذا نصه:
(
بسم الله الرحمن الرحيم، قُلِ اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شئ قدير، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، أَمَّا بعد: فقد وردَ إلينا كتاب مخبر عن الحضرة الخاقانية والدولة الرفيعة السلطانية الإسكندر باشا - نصره الله وأرشَدَه - فهو عندنا ذُو صدرٍ صحيحٍ وذو عقلٍ رجيح ولسانٍ فصيح.

اعلمْ هَدَاكَ اللهُ إلى طريق الرَّشَاد: أَمَّا قَوْلُكَ: فإننَّا مخلوقون من سخطه ومُسَلَّطُوْنَ على من حَلَّ عليه غَضَبُه، لا نَرِقُّ لمن بكى ولا نَرْحمُ لمن شكا، فقد نزَعَ اللهُ الرحمةَ من قلوبكم فذلك من أكبر عيوبكم، لأَنَّ هذا من صفات الشياطين لا من صفات السَّلاطين، وكفى هذا شاهداً وموعظةً: (قُلْ يا أيها الكافرون، لا أعبدُ ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي دين).

وقُلْتُمْ: إننَّا أظهرنا البِدَعَ، وضيَّعْنَا الجُمَعَ، ونكسنا الأديانَ، وأظهرنا الفسوقَ والعِصْيان.َ فإنْ كَانَ الشِّرْكُ بفرعون معكزاً فأنتم صرفتم للشَّرِ مركزاً، أَلَا إنَّكُم أَشَرُّ من قوم لوط وصالح، وما عِلْمُكُم بنافع ولا صالح، فنحنُ الموفونَ حقاً، المُعْتَرِفُوْنَ بالولاية صدقاً، لا يَدْخُلُنَا عَيْبٌ، ولا يُخَالِطُنَا ريبٌ، القرآنُ علينا نَزَل، والرب بنا رحيم لم يَزَل، تَحَقَّقْنَا تَنْزِيْلَه وعَرَفْنَا تَأْوِيْلَه، فنحن العارفون بالأُصول والفروع، والعاملون بما أُمِرْنَا من المشروع، إنما النار لكم خُلِقَتْ ولجلودكم أَضْرِمَتْ، لأَنَّكُم مُنْكِرُوْنَ أهلَ الولاية، ومُقَدِّمُوْنَ عليهم الذين هم ليسوا من أهل الهَدَايَة، فالعجب العجب تُهَدِّدُوْنَ الليوثَ بالتيوس والسِّبَاع بالضِّبَاع والكُمَاةَ بالقِرَاع، خيولنا سوابق برقية، وتِرْسُنَا مِصْرِية، وأسيافنا يمانية، وأكتافنا شديدةُ المَضَارِب، وسُلْطَانُنَا شَاعَ ذِكْرُهُ بالمشارق والمغارب، فرساننا ليوثٌ إذا رَكِبَتْ، وخيولنا سوابق إذا طلبتْ، وسيوفنا قواطع إذا ضربتْ، ودرُوعنا جلودنا، وحواشيننا صدورنا، قلوبنا قوية لا تفزع، وجَمْعُنَا لا يُرَوَّع، وقولكم عندنا تهديد، فنحن أهل الوعد وأنتم أهل الوعيد بقوة الله العزيز الحميد، لا يهولنا منكم تخويف ولا يرجفنا منكم ترجيف، فإن أطعناكم فذلك طاعة وإن قتلناكم فنعم البضاعة، وإن قتلتمونا فبيننا وبين الجنة ساعة.

وأما قولكم: قلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال. فاعلموا أَنَّ القَصَّابَ لا يهوله كثرةُ الغنم، وكثير من الحطب يكفيه قليل من الضرم، أيكون من الموت فرار وعلى الذُّل قَرَار؟، ألا ساءَ ما تحكمون، الفرار من الرَّزَايا لا من المنايا، فنحن إِنْ عِشْنَا سُعَدَاء، وإِنْ مُتْنَا شُهَدَاء، فنحن المقربون بولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين خليفة رسول رب العالمين، فنحن والله الشيعة المؤمنون، ألا إِنَّ حزبَ الله هم الغالبون، تريدون منا طاعة؟ لا سمعاً ولا طاعة، قُلتم: إِنْ سَلَّمْتُم لنا أَمْرَكُم قبل أَنْ يكشف الغطاء ويحل عليكم منا الخطاب. فهذا الكلام في نظمه تركيك وفي سلكه تشكيك، فقولوا لكاتبكم الذي وصف مقالته أَنْ يحسن رسالتَه، والله ما كان جوابكم عندنا إلا كصرير باب أو كطنين ذُبَاب، أَنَّكُم استخففتم النِّعمة واستوجبتم النِّقمة، ولكم مِنَّا الخطاب، وسيأتينا منكم رد الجواب، أتى أمر الله فلا تستعجلوه، والسَّلام على من اتَّبَعَ الحقَّ المبين. 

وبذلَ الأشرافُ القواسم الأخيضرية وحلفائهم من العرب وتوابعهم بعدَ هذا الجوابِ الكثيرَ من التضحيات لعدة سنوات في سبيل مدافعة المحتلين الأتراك العثمانية عن ديارهم وأراضيهم. 

وأمَّا العالم قاضي الشرع الشيخ محمد بن الحارث منشيء الجواب الذي جاء قطعة أدبية سأتحدث عنه فيما بعد في مفردة بإذن الله الكريم. 

مصدر الصورة:
مواقف الشيعة (ج ٣) تأليف: آية الله الشيخ علي الأحمدي الميانجي الموضوع: تاريخ طبع ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي عدد الأجزاء: ٣ أجزاء الطبعة: الأولى المطبوع: ١٠٠٠ نسخة التاريخ: رجب المرجب ١٤١٦ مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.


ونُشِرَ هذا الجواب الأدبي كذلك في :
موسوعة الأدب العربي في الأحواز خلال حكم إمارتي المشعشيين والكعبيين
بواسطة عبد الرحمن كريم اللامي. 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق