الأربعاء، 3 مارس 2021

مَقَاسِم كبار أهالي صَعْدَة في كتاب (مطلع البدور ومجمع البحور في تراجم رِجَال الزيدِيَّة) لابن أبي الرجال.


هذه المُفْرَدَة التاريخية تَتَحَدَّثُ عن أحداث وواقعة تَحَمُّل ومُقَاسَمَة كبار أهالي صعدة لنفقة عسكر الإمام علي بن محمد وَرَدَتْ في سياق تَرْجَمَةِ الشيخ علي بن محمد بن هبة الدواري (... – 8 هـ) في كتاب (مطلع البدور ومجمع البحور في تراجم رِجَال الزيدِيَّة، أحمد بن صالح ابن أبي الرجال، تحقيق عبدالرقيب مطهر أحمد حجر، ط1، 1425 هجرية، 2004م، مركز أهل البيت للدراسات الإسلامية، صعدة اليمن، ج3، ص 336) وهذا نَصُّهَا: 

937- علي بن محمد بن هبة الدواري ... (... – 8 هـ)
 
الفقيه العلامة علي بن محمد بن هبة الدواري رحمهُ الله.
كان عالماً فاضلاً أديباً له حميَّة على الإسلام، من ذلك أنها لَمَّا كَثُرَتْ الفتَنُ على الإمام علي بن محمد عليهما السلام دَخَلَ أهلُ صَعْدَة فُتُوْرٌ ومَلَلٌ، وادَّعَى بعضُهُم على بعضٍ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ على قَدْرِ حَالِهِ ومَالِهِ، فانضَرَبَتْ أُمُوْرُ العسكرِ وانْقَطَعَتْ مَوَادُّهُم، فاشْتَغَلَ خاطرُ الإمامُ بذلك ولَمْ يَتَمَكَّنْ بِمَا يُقِيْمُ العسْكَرَ، فَعَوَّلَ على القاضي جمال الدين علي بن محمد بن هبة الدواري أَنْ يُنشيء قصيدةً يُحَرِّضُ الناسَ على الجِهَادِ ويَحُثُّهُم على الإنفاقِ، فأَنْشَأَ قصيدةً وأنشدَهَا في محفلٍ من كبار أهل صعدة، فَبَكَى عند سماعها جماعَةٌ من القَوْمِ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحَاهُم، وتعاقدوا في ذلك الوقت على بذل الأموال والأرواح، والصبْر حتَّى يأتِيَ اللهُ بالفتحِ أو أَمْرٍ من عنْدِهِ، ويَجْعَلُوْنَ ما يحتَاجُون من ذلك على عشرةِ مَقَاسِم، أَلْزَمُوا أنفُسَهُم في أموالِهِم ذلك الوقتِ مائةَ ألف درهم، فَحَمَلَ الفقهاءُ آلُ علي بن حسن الهبي خمسين ألفاً منها، وحَمَلَ عليُ بن موسى بن جُمَيْع الطاي وآل النزاري وآل عليَّان عشرةَ آلاف، وحَمَلَ آلُ فند وآل الطاهر وآل الذويد عشرينَ ألفاً، وحَمَلَ آلُ عليس ومن في جانِبِهِم من الحدادين عشرةَ آلافٍ، وحَمَلَ أهلُ درب الإمام والفقيهُ قاسم قره عشرةَ آلافٍ، ووتوَاطَئُوا أنَّهَا إذا كملتْ عَوَّضُوْهَا طالَتْ الفتنةُ أم قَصُرَت.
والقصيدة هي هذه ]من الطويل[:
...
انتَهَى بعض نَصُّ الترجمَةِ. 

واقعةُ المَقَاسِمِ هذه حَدَثَتْ في أَيَّامِ الإمام علي المنصور بن محمد صلاح الدين الناصر بن علي المهدي الهادوي القاسمي الرسي الحسني الهاشمي في فترة حكمه (793 – 840 هـ) لَمَّا كَثُرَ عليه الخلافُ والمُخالفون، ولم يكن عنده ما ينفقُهُ على عسكره، وأَصَابَ أهلُ صعدة الفتورُ والمللُ في الإنفاق، فطلبَ الإمامُ المذكورُ من القاضي علي بن محمد بن هبة الدواري أَنْ يُنشيءَ قصيدةً وأَلْقَاهَا في محفلٍ من كبار أهالي صعدة، وتأثرَّ بها جماعةٌ من القوم، وتعاهَدُوا على بذل الأموال والأرواح لُمَنَاصَرَةِ الإمام المذكور، ووَضَعُوا مائة ألف درهم لنفقة العسكر تُقْسَمُ على عشرةِ مَقَاسِم تُوزَّع على أهالي صعدة، واتفقوا أنها إذا كَمُلَتْ النفقةُ عوَّضُوهَا طالَ أَمَدُ الحربِ أَمْ قَصُرَ، وحَمَلَ منها الأشرافُ آلُ عليَّان القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية النازلون بمدينة صعدة وأحلافُهُم آلُ النزاري وعليُّ بن موسى بن جُميع الطاي عشرةَ آلاف درهم.

والأشرافُ آل عليَّان بن سليمان الأكبر بن حسن القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية هؤلاء هُم الراحلون من أحلاف العرب في البوادي بَعْدَ الخلافات مع أبناء عمومتهم إلى مدينة صعدة شمال اليمن، وأقاموا فيها وأسَّسُوا بها حَيَّهم المعروف بحارة عليَّان ومسجدهم المعروف بجامع عليَّان عند باب نجران وصَارُوا من أهلها، واختلطوا بأهالي مدينة صعدة وعلماء الدين فيها وتجارها، وصاروا من فقهائها وشيوخ الدّين فيها، وتَعَلَّمَ على يديهم التلاميذُ بها، وبَعْدَ اكتمال القرن العاشر الهجري تَفَرَّقَ الأشرافُ آل عليَّان بين العرب في النواحي والديار، ورحلوا عن صعدة، وقَلُّوا فيها.

وهذه المُقَاسَمَة المذكورة لها ذِكْــرٌ في المَصَادِر المخطوطة القديمة المُتَناقَلَة جيلاً عن جيل من أيَّام الدولة الأخيضرية في إقليم اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية (250-450 هجرية) وحَتَّى أواخر القرن الثالث عشر الهجري.
 
(أُعِدَّتْ مُلَخَّصَةً من المصادر المخطوطة القديمة، وبالله التوفيق).








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق