الخميس، 2 ديسمبر 2021

الندهة بصفة (الخَضِيْرِي) وعلامات القوة والضعف عند العرب.


القبيلة العربية هي مجموعة 
أفراد مُنضَمُّون في حلف واسم ونسب واحد ويجتمعون تحت راية واحدة، ومُكونات القبيلة ليست ثابتة وتتغير مع مرور الأجيال بسبب تقلبات الأزمان والدخول في حلف القبيلة والخروج منه، والعناصر المُكوِّنة للقبيلة منها ما هو عربي أصلي من صُلْب وأصل القبيلة ومنها ما هو عربي أصلي من قبيلة أخرى وداخل في حلف هذه القبيلة وليس من صُلْبِها ومنها ما هو من أعراق مختلفة من عرق غير العرب توابع في القبيلة، والقبيلة العربية بعد مرور أكثر من عشرة قرون هجرية أصبح أكثرُها أحلافاً مُرَكَّبَةً مُتداخلة ولفيفاً من الرجال والتحق بها أكثرُ توابع الأشراف الهاشمية الذين ألبوا العربَ والتوابعَ الآخرين على متبوعيهم الأشراف الهاشمية، ودوام حال القوة للقبيلة مِنَ المُحال، والقبيلةُ تتَعَرَّضُ لأسباب الضعف والتفكك من خلافات وحروب وواقعات تؤدي إلى ضعفها وتقطُّعِها ورحيل أفرادها وبيوتها وتفرقهم بين العرب وانقطاعهم من حلف وأصل قبيلتهم الأم العربية الأصلية واضطرارهم للدخول في أحلاف قبائل عربية أخرى للحماية والتقوي والتَنَقُّل بين أحلاف العرب والدخول في حلف وخروج من آخر أو ترك الأحلاف العربية والاعتماد على الذات في حماية النفس والمال والعيش على ظل السيف في بيوت فردية بين العرب. 

ولذلك فبقاء الاسم القديم للقبيلة العربية في نفس ديارها القديمة لا يعني بالضرورة نقاء وبقاء الذرية الأصلية في القبيلة تناسلاً جيلاً بعد جيل إذ كثيراً ما ترحلُ الذراري الأصلية كلها أو قسمٌ منها عن القبيلة وتتركُ حلفَها الأصلي في قبيلتها الأم العربية الأصلية ويصبحُ أكثرُ القبيلة أو كلها تتكوَّن من ذراري الحلفاء من العرب الآخرين أو من ذراري التوابع من أعراق مُختلفة ويُعْرَفُ كُلُّ فردٍ منهم بالعد والتسلسل وبه يُمَيَّزُ نسبَهُ الأبوي الأصلي من نسب الإضافة والحلف. 

والفرد والبيت العربي الأصلي من عرق العرب يكون قوياً ما دام في حلفه الأصلي في قبيلته الأم العربية الأصلية وأَمَّا الانقطاع منه بأسباب الخلافات وتَقَطُّع حلف القبيلة بعد الحروب والواقعات فلا يُعَدُّ أمراً حميداً ومُستحسناً عند العرب إذ كثيراً ما يؤدي بصاحبه إلى الرحيل عن ديار القبيلة والتَّنَقُّل بين أحلاف العرب والدخول في حلف وخروج من آخر بحثاً عن أحلاف عربية للدخول فيها للحماية والتقوِّي أو ترك التكتلات العشائرية والأحلاف العربية والإنفراد في بيوت فردية وإذا جار عليه الزمانُ وفَقَدَ المالَ اضطر إلى العمل المعيشي في حرف يدوية يترفَّعُ عنها غيرُهُ وقد لا يَجِدُ القُدرةَ ومن يُعِيْنُهُ على أخذ الثأر ولذلك فهذا الانقطاع يؤدي غالباً إلى الضعف ويُعَدُّ عند العرب علامةٌ من علامات الضعف وخلاف القوة ولذلك فالندهُ والإنتخاء والاعتزاء بصفة (الخَضِيْرِي) - على وزن الفَعِيْلِي - بصفة المُنْقَطِع من حلف وأصل قبيلته الأم العربية الأصلية - بخلافات أو تمزُّق حلف القبيلة بعد حروب - يُعَدُّ عند العرب علامةُ ضعف، وندهة (الخَضِيْرِي) عندهم بمعنى الضعف وبيانه ولا يُقْصَدُ به القوة والسيف والحرب تجاه عدوهم بل هي تبيان للانقطاع من حلف وأصل القبيلة الأم العربية الأصلية ومن رسوم الضعف والقصد منه العفو عن حالهم. 

وأَمَّا صفة (خَضِيْر) على وزن فَعِيْل وما يُشْتَقُّ منها فهي صفة مُجردة من المدح والذم وهي موجودة ومعروفة عند العرب قديماً قبل ولادة التابع الهندي (خُضَيْر بن سالم بن عطاء) وقبل تأسيس الدولة الأخيضرية باليمامة في عام ٢٥٢ هجرية وهي صفة حال عامة تظهرُ وتختفي حسب الظروف والواقعات ويُوجدُ أفرادٌ وبيوتٌ كثيرة من العرب انقطعوا من حلف قبيلتهم الأم العربية الأصلية بأسباب الخلافات والرحيل وتَفَكُّك حلف القبيلة واندثارها وهم (خَضِيْر).

والأشراف الهاشمية الأصلية وذراريهم الأصلية رحلوا وتفرقوا بين العرب وغير العرب داخل وخارج جزيرة العرب ولَحِقَتْ بيوتُهم وأفرادُهُم في تكتلات عشائرية عربية وغير عربية ومنهم من ترك تلك التكتلات العشائرية وخرجوا عنها إلى بيوت فردية وجار عليهم الزمانُ مثلما جارَ على غيرهم ونكبَتْهُم وقَتَلَتْهم وانتهبَتْهُم وعذَّبَتْهم وشرَّدَتْهُم توابعُهم المُتمردةُ أكثرَ من مرة في حوادث فردية وجماعية وأصابهم الضَّعْفُ والخفاءُ بعد القوة والظهور.

وهذا في سياق تاريخي بحت ونحمدُ اللهَ الذي أنعم على البشرية بتطور أفكارها وظهرتْ ثقافةُ حقوق الإنسان واحترام كرامة وآدمية البشر تأكيداً للأصل البشري الواحد. 


(أُعِدَّتْ مُلخصةً من المصادر المخطوطة القديمة وبالله التوفيق).
مصدر الصورة: الإنترنت.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق