الاثنين، 9 أغسطس 2021

صفة (خَضِيْر) عند عبدالله بن محمد بن خَمِيْس في كتابه (تاريخ اليمامة).

 
هذه المفردة التاريخية تَتَحَدَّثُ عن صفة (خَضِيْر) عند عبدالله بن محمد ابن خَمِيْس في كتابه (تاريخ اليمامة، ط١، ١٤٠٧ هجرية، ١٩٨٧ ميلادية، مطابع الفرزدق، الرياض، السعودية، الجزء الرابع، ٨٦ و ٨٧) وابن خَمِيْس هو مؤرخ وجغرافي ورحَّالة وقاص ومُفَكِّر وأديب وشاعر وناقد سعودي مُعاصر وُلِدَ في عام ١٣٣٩ هجرية وتُوُفَّيَ في عام ١٤٣٢ هجرية وتركَ عدةَ مؤلفات في مواضيع مُختلفة.

وأَمَّا ابن خَمِيْس فهو مُتأخِّر ومن رجال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين ومولدُهُ في عام ١٣٣٩ هجرية بعد مرور أكثر من قرن هجري على أحداث النكبة الكبرى الثالثة الأخيرة وجور وقيام التوابع المُتمردة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وبدأتْ أحداث تلك الفتن في سنة ١١٥٧ هجرية بتمرد الرعيان توابع الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية شيخ شمل العرب نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وانتهتْ في سنة ١٢٠٠ هجرية بقتل التوابع غدراً وتدبيراً لمتبوعهم الشيخ الأمير الشريف حمد بن محمد آل مضحي القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية شيخ العربان نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي حائل شمال الجزيرة العربية وتوالتْ بعدها بعضُ الأحداث والواقعات نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي حائل شمال الجزيرة العربية وخُتِمَتْ بتغلُّب التوابع المُتمردة على متبوعيها الأشراف الهاشمية وانتهابهم لهم وزوال أمارات ومشيخات الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في النواحي والديار وإطلاق هذه التوابع المتمردة الباغضة ومن وافقهم من العرب صفة (خَضِيْر) على متبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بقصد ذمِّهم وتنقُّصهم والتقليل من شأنهم بعد كسرهم لهم وتغلُّبِهم عليهم وخروج متبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة من أحلاف قبائل العرب إلى بيوت فردية في الحواضر وإجبارهم لهم على حرفٍ تترفَّعُ عنها بقيةُ العرب لكسر نفوسهم وإضاعة نسبهم وتنفير العرب عنهم وهو الإطلاق الثالث الأخير لهذه الصفة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية بغير قصد وصف الحال بل بقصد تنقُّص وذمِّ ونبز متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الهاشمية خصوصاً والأشراف الهاشمية الأصلية خاصة وحلفائهم من العرب عامة لتَفَرُّقِ بيوتهم بين العرب وغير العرب في النواحي والديار داخل وخارج جزيرة العرب ومنهم اللاحق في حلف واسم ونسب قبيلة عربية ومنهم من ترك الأحلاف العربية ولم يحالفْ بعدها أحداً من العرب ولانقطاعهم من حلف قبيلتهم الأم العربية الأصلية (قريْش) وعدم تكوُّن قبيلةٍ واحدة لذراري الأشراف الهاشمية الأصلية تَجْمَعُهُم في حلف واحد وفي ديار واحدة بعد مرور القرون الطويلة - باسم جدهم الأعلى (هاشم) مثلاً - واستمرَّتْ ذراري هذه التوابع الكثيرة المُتمردة ومن وافقهم من العرب في إطلاق هذه الصفة جيلاً بعد جيل حتى يومنا الحاضر بقصد التنقص والذم توارثاً وتناقُلاً للبُغض والتنقُّص من أسلافهم المتمردة الباغضة دون علم أو معرفة بمعناها الأصلي عند العرب قديماً. 

وأَمَّا صفة (خَضِيْر) فهي صفة عربية قديمة معروفة عند العرب قبل تأسيس الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية للدولة الأخيضرية باليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية بمساندة أخوالهم عرب هوازن في عام ٢٥٢ هجرية وقد أطلقها العربُ قديماً على العربي الأصلي من عرق العرب المُنْقَطِعِ من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بخلاف أو رحيل عن الديار أو تَقَطُّع حلف قبيلته الأم العربية الأصلية واضمحلالها وتَفَرُّق بيوتها وما دام مُنقطعاً من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية فهو (خَضِيْر) ولذلك فبيوت الأشراف الهاشمية الأصلية هي (خَضِيْر) لانطباق وصف الحال عليهم وتفرُّقهم داخل وخارج جزيرة العرب وانقطاعهم من حلف قبيلتهم الأم العربية الأصلية (قريش) وأَمَّا العربي الأصلي المُنقطِعِ من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بخطف أو سبي أو من كانَ من عرق غير العرب فقد أطلقَتْ عليه العربُ صفةَ (مولى تابع) حتَّى وإِنْ لَحِقَ في تكتل عشائري في حلف واسم ونسب قبيلة عربية وأخذَ المشيخة والأمارة في القبيلة أو أخذ الحُكْمَ والسُّلطانَ في النواحي والديار داخل وخارج جزيرة العرب ومدحته الشعراءُ بالقصائد ووُصِفَ بألقاب المشيخة والأمارة والسُّلطان فتظلُ العربُ تصفُه بصفة (مولى تابع). 

وأَمَّا هذه التوابع الكثيرة المُتمردة أكثرهم بيض البشرة وهم من أعراق مُختلفة وأكثرهم من عرق غير العرب وأكثرهم مُتَخَفُّونَ في حلف واسم ونسب القبائل العربية أو في نسب متبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية وأطلقُوا صفةَ (خَضِيْر) على متبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بعد جورهم وقيامهم الأخير عليهم بقصد الذَّم والتَّنَقُّص بل وتوسَّعُوا في إطلاقها على جميع البيوت الفردية لتشمُلَ من كان منهم من عرق غير العرب خلافاً لما كانَتْ عليه العرب قديماً من إطلاقها فقط على العربي الأصلي من عرق العرب وصفاً لحاله وانقطاعه من حلفه الأصلي في قبيلته الأم التي هو من أصلها ومن صُلْبِها.
 
وابنُ خميس أوردَ صفةَ (خَضِيْر) ضمن سياقِ  تعريفه لوصف (الخَضِيْرِيَّة) في الجزء الرابع من هذا الكتاب في صفحتين وبعد قراءة النص بالكامل يُمكنُ تقسيمه إلى قسمين: قسم تعريف افترض فيه المؤلفُُ أسباباً لظهور وصف (الخَضِيْرِيَّة) وقسم تعليق تَحَدَّثَ فيه المؤلف عن طائفتين من المجتمع، والآن نأتي على ذكر هاذين القسمين (انظر صورة صفحتي الكتاب):

أ-قسم التعريف 
ويمكنُ تلخيصُ ما ذَكَرَهُ ابنُ خميس في هذا القسم كما يلي:


(الخَضِيْرِِيَّة

وصفٌ أُطْلِقَ على طائفة كبيرة من المجتمع النجدي في مجال النسب والانتساب، مِمَّنْ لا يَنْتَسِبُ إلى قبيلة معروفة يُرْجِعُ نَسَبَهُ إلى اسمها كالقحطاني والعنزي والسبيعي وغيره، والذي أضل نسَبَهُ إلى القبيلة في هذا المجتمع القبلي إِمَّا لأَنَّه:

١- مِمَّنْ وفدَ إلى المجتمع النجدي من داخل أو خارج جزيرة العرب وكانَ مِمَّنْ لا يرغبْ باللحوق في قبيلة أو كانَ مولاً لقبيلة ورحل عنها أو رحل عن قبيلته إلى جزيرة العرب خوفاً من ثأر بعد إصابته دم وأخفى نسَبَهُ ولم يلتحقْ في قبيلة أخرى بعدها.

٢- أو مِمَّنْ كانَ تحتَ حُكْمِ الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد التي دامتْ قرابةَ قرنين هجريين وأخفى نَسَبَهُ خوفاً من الأشراف الأخيضرية لمحاربتهم القَبَلِيَّة وبقيَ في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وضاعَ نسَبُه لطول المدة وسَمَّى نفسه أُخَيْضِرِيَّاً بعد ضياع نسبه وانتسابه وتَغَيَّرَتْ النِّسْبَةُ بعد ذلك إلى خَضِيْرِيٍّ وهذا هو  المُرَجَّح [وبقي هذا الوصفُ إلى اليوم.]). 

انتهى مُلخَّصاً من النص المذكور مع اختصار وتصرُّف وزيادة. 

ويمكنُ مُناقشةُ وتحليلُ بعض ما ذكره ابنُ خميس حول هذه الصفة العربية (خَضِيْر) لغوياً وتعريفياً وفق ما وَرَدَ عند النسابين الأصوليين في المصادر المخطوطة القديمة المُتناقلة جيلاً بعد جيل فيما يأتي:

أ-(الخَضِيْرِيَّة

هذا وصفٌ أُطْلِقَ على طائفة من المجتمع النجدي في مجال النَّسَب والانتساب)

وأَمَّا قوله (الخَضِيْريَّة) فهو على وزن (الفَعِيْلِيَّة) وهو اسم الجَمْع على صيغة النِّسْبْة المؤنَّثَة إلى الصفة العربية (خَضِيْر) وسواء أكانَتْ (خَضِيْر) أو (خَضِيْرِي) أو (بني خَضِيْر) أو (خَضِيْرِيَّة) أو (خَضَائِر) فكُلَّها صرف ومجرد اختلاف لغات وألفاظ بين العرب وتأتي بصيغة المُفرد والجَمع حسب سياق الكلام أي الموصوف بصفة (خَضِيْر) وهو العربي المُنقطِع من حلف قبيلته العربية الأصلية بخلاف أو رحيل أو تفكك حلف قبيلته وهو المعنى الأصلي القديم لهذه الصفة عند العرب كما أسْلَفْتُ.

ويُلاحظُ عدم ضبط ابن خميس لوصف (الخَضِيْريَّة) و (خَضِيْر) بالحركات في النص وقُمْتُ بضبطها هُنا وفقَ اللفظ الدارج وهو مُطابق للضبط الوارد في المصادر المخطوطة القديمة المُتناقلة جيلاً بعد جيل. 

وأَمَّا صفة (خَضِيْر) في لغة العرب فهي صفة على وزن فَعِيْل مأخوذة من الصفة (مَخْضُور: على وزن مَفْعُول) بمعنى (مقطوع: على وزن مَفعول) شَبَّهُوْهُ بالغصن المقطوع من شجرته وجعلوه على وزن (فَعِيْل) كقولهم للمقتول: (قَتِيْل) وهي ليستْ باسم شخص وليستْ باسم جد وليستْ باسم مكان وليستْ صيغة لفظية لحلفٍ عشائري ينتَسِبُونَ إليه وليستْ صفة نَسَب وإنما هي مجرد صفة حال تصِفُ بها العربُ العربيَ الأصليَ لبيان انقطاع حلفه من قبيلته الأم العربية الأصلية وما يترتَّبُ على هذا الانقطاع من عدم التزام قبيلته اتجاهه بلوازم الحلف من غُنمٍ وغُرْمٍ وحماية ونُصرة ونحوه وهذا الإنقطاع يحدثُ بسبب الخلافات في داخل القبيلة أو اضمحلال القبيلة وتقطُّع حلفها بسبب الحروب والواقعات مع العرب الآخرين وهذه الصفة ليستْ للثناء أو للذم عند العرب وهي مُماثلة لوصفهم الولد الذي ماتَ والدُه باليتيم قبل بلوغه وإذا تعدَّى وصفُ الحال غرضَه الأصلي القديمَ عند العرب إلى التنقُّص والتقليل من شأن الغير أصبح إساءةً وتنابز بالألقاب وهو ما لم تفعله العربُ من قبل ذلك وإنما فعلته الموالي التوابعُ الباغضة المُتمردة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في آخر مرة كما بيَّنْتُ سابقاً.

وأَمَّا قولُه (هذا وصفٌ أُطْلِقَ على طائفة من المجتمع النجدي في مجال النَّسَب والانتساب) فلا ضير بالقول أنها وصفٌ أو صفةٌ أو تعبير أو اسم أو تسمية أو لقبٌ أو صيغة لفظية، وكلها اختلاف تسميات. 

وأَمَّا هذه الطائفة من المجتمع النجدي المقصودة بإطلاق هذا الوصف (الخَضِيْرِيَّة) فهي البيوت الفردية التي تركتْ تكتلات العشائر في البوادي ولم تُحالف أحداً من العرب بعد خروجها من أحلاف القبائل العربية واستقلَّتْ على ظل سيوفها في النظام الفردي.

وأَمَّا وصفه لهذا المجتمع بالنَّجدي نسبةً إلى منطقة نجد نواحي وسط الجزيرة العربية وهي النطاق الجغرافي الذي أَطْلَقَتْ فيه التوابعُ المُتمردة الباغضة صفة (خَضِيْر) على متبوعيها الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة للمرة الثالثة بعد أحداث الجور والقيام لهذه التوابع المُتمردة والنكبة الكُبرى الثالثة الأخيرة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ومنطقة حائل نواحي شمال الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري وتوارَثَتْ ذراري هذه التوابع الجائرة إطلاق هذا الوصف على متبوعيها الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بعد تَغَلُّبِهم عليهم على سبيل التنقُّص والذم جيلاً بعد جيل حتى يومنا الحاضر.

و(المجتمع النجدي) أو غيره كما يَسُودُ بالأشراف الهاشمية الأصلية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة حيناً فإنه كذلك يَسُود بتوابعهم حيناً آخر بعد رحيلهم وتفرُّقهم وضعفِهم وتَّغَلُّب توابعهم عليهم  (وتلك الأيامُ نُدوالها بين الناس).

وأَمَّا (المجتمع النجدي) في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية كغيره من المجتمعات القبلية العربية داخل وخارج جزيرة العرب فالبيوتُ المُكَوِّنَةِ له تَنْقَسِمُ إلى قسمين: بيوت لاحقة في تكتلات عشائرية مُضافة في حلف واسم ونسب القبيلة العربية  في نسق النظام القبلي وبيوت فردية تركتْ النظامَ القبلي وتركتْ التكتلاتِ العشائرية المُضافة في حلف واسم ونسب القبيلة العربية ولم تلتحقْ بعدها في حلف آخر لعدم رغبة أو عدم حاجة وبقوا على ظل سيوفهم في نسق النظام الفردي ودخلوا في الحواضر والقُرَى. 

وأَمَّا قولُهُ (في مجال النَّسَب والانتساب) فهذه الصفة (خَضِيْر) وما يُشْتَقُّ عنها من ألفاظ مثل (خَضِيْرِيَّة) هي صفة حال للشخص العربي الأصلي من عرق العرب بعد انقطاعه من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بسبب خلافات أو رحيل أو تفكك حلف القبيلة وهذه الصفة عند العرب تَنْطَبِقُ عليه ما دام مُنقَطِعاً من حلفه الأصلي ولا علاقة لهذه الصفة بنَسَبٍ أو انتساب وكل شخصٍ على وجه هذه البسيطة له نسب أصلي عَلِمَ هذا النسب أو جَهِلَهُ، وابن خميس رجلٌ من المجتمع النجدي ونَقَلَ ما سمعه من ذراري التوابع المُتمردة الباغضة الذين أرادوا هُم وأسلافُهم الجائرة تغييرَ المعنى الأصلي لهذه الصفة العربية (خَضِيْر) خلافاً لما كانتْ عليه عند العرب قديماِ لتكون لها علاقة بالنسب والانتساب إلى حلف قبيلة بقصد الإساءة والتنقُّص والذم لمتبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بعد ترك متبوعيهم تكتلات العشائر وخروجهم من أحلاف العرب وبقائهم على ظل سيوفهم وعدم رغبتهم في الدخول في أحلاف أخرى بعدما رأوا من جور وطغيان توابعهم عليهم في هذه الأحلاف العربية. 

وأَمَّا (النَّسَب والانتساب) عند النسابين الأصوليين ينقَسِمُ إلى نوعين: 

١-انتساب ونسب صُلْب أبوي عرقي حقيقي جيني أصلي.
٢- انتساب ونسب حلف وإضافة تركيبي معنوي غير أبوي وغير عرقي وغير جيني وغير أصلي.

والنسابون الأصوليون يُفَرِّقُونَ بين هذين النوعين من النَّسَب ويفرزون سلاسل النسب، والنسابون درجات، أدناهم درجة النسابة الجامع المُبتديء وأعلاهم درجةً النسابة الأصولي، وابن خميس يدورُ حديثُه في هذا التعريفِ الواقعِ في صفحتين حول نسب وانتساب واحد وهو نَسَب الحِلْف القبلي والانتماء إلى التكتُّلات العشائرية والانتساب إلى حلف واسم ونسب قبيلة عربية وجَعَلَ هذه الانتسابات إلى أحلاف مُركَّبة مُتداخِلَة في قبيلة عربية هي محور تعريفه لهذه الصفة العربية (خَضِيْر)، وابن خميس مثلَ حمد الجاسر في درجة النسابة المُبتديء الجامع يجمعونَ أنسابَ الأحلاف والنسبُ عندهما نوعاً واحداً وشيئاً واحداً وهو الانتساب إلى حلف قبيلة قائمة ولها كيان ووجود وفروع وحلفٌ يجمعُ هذه الفروع في وقتهم أو مجرد الانتساب إلى قبيلة مُندثرة لم يبقَ منها اسمٌ ولا جسمٌ سِوى اسم مكانها القديم أو اسمها في بطون الكتب والمصادر القديمة وهذا خلاف الحال عند النسابين الأصوليين الذين يُمَيِّزُونَ بين النوعين من النَّسَب وهم الخَواص من علماء النسب وأعلاهم درجة وليسوا كعوام الناس الذين لا يُميزون الفرقَ بين هاذين النوعين. 

وحالُ القبيلة اليوم ليس كحالها بالأمس بعد مرور أكثر من عشرة قرون هجرية تاريخية، هناك قبائل رحلتْ، وقبائل اندثرتْ، وقبائل تمزَّقَتْ أحلافُها بعد الحروب والواقعات وتَفَرَّقَتْ بيوتُها بين العرب، وقبائل تغيَّرَتْ أسماؤها وحَلَّ مَحَلُّها أسماءُ تكتلات عشائرية، وهناك قبائل ظَلَّتْ في ديارها وأسمائها القديمة ودَخَلَ فيها الكثيرُ من الأحلاف، والأحلاف العربية مُتَوَارَدَة ومُتَجَدِّدة عبر الأجيال، وصارَتْ القبيلةُ لفيفاً من الرجال من أعراق مُختلفة، والعربي الأصلي من عرق العرب ومن أصل القبيلة أصبح قليلاً في القبيلة  بالنسبة إلى الداخلين في القبيلة أو انقرض أو رحل عنها وصار أكثرُ القبيلة من الدواخل، وأكثر توابع الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وتوابع حلفائهم من العرب وتوابع توابع الطاعة هم من عرق غير العرب ولَحِقَ أكثرُهُم في تكتلات العشائر مُتَخَفِّيْنَ في حلف واسم ونسب القبائل العربية وصاروا يُألِّبُونَ العربَ والتوابعَ الآخرين على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة. 

وبعد ذلك يطرحُ ابنُ خَمِيْس تساؤلاً لتفسير ظاهرة إطلاق صفة (خَضِيْر) على البيوت الفردية من قِبَلِ ذراري التوابع المُتمردة الباغضة ولتفسير الاشتقاق اللغوي لهذه الصفة ويُرْجِعُ ذلك إلى ما يُسَمِّيْه بإضلال المرء لنسبه بقوله: (فالذي أضل نَسَبَه بطريقة أو بأخرى، وكيف يُضِلُّ نسَبَه؟) وبعدها يَطْرَحُ ابنُ خميس سببين مُحتمَلَين جواباً لهذا السؤال وهما أمَّا لأَنَّه:

١- وافد على المجتمع النجدي من مكان آخر. 

٢-أو مِمَّنْ وقعَ تحت حُكم الأخيضريين. 

ويُواصلُ ابنُ خميس استنتاجَه وتوقُّعاته ليقول: (وإذن فهؤلاء أضلُّوا أنسابَهُم بإحدى هذه الطُّرُق أو بغيرها) وهو هُنا لا يُفرِّقُ بين النَّسَبَيْن؛ نسب الصُّلْب والعرق الأبوي ونسب الحلف والإضافة والتراكيب، والنسبُ عنده نوعاً واحداً وشيئاً واحداً كما أشرتُ إلى ذلك سابقاً، ولذلك لم يُحَدِّدُ ابن خميس نوع هذا النسب الذي أضلوه حسب تعبيره. 

ويحسُن هنا مُناقشة ما عبَّر عنه ابنُ خميس ب (إضلال النَّسَب) وهو شبيه لوصف حمد الجاسر للأسر الفردية غير المُتَكَتِّلَة/ غير المُتَجَمِّعَة في تكتل عشائري في أحلاف العرب في الحواضر ب (جهالة النسب) في كتابه (جمهرة أنساب الأُسر المُتحضرة في نجد) وكلا التعبيرين (إضلال النَّسَب) و (جهالة النسب) غير دقيقين وغير مُحَدَّدَيْن والنسب عند ابن خميس والجاسر شيء واحد ونوع واحد ولم يحددا نوع هذا النسب سوى بالإنتساب إلى قبيلة عربية ولم يُحَدِّدُا كذلك نوع هذا الانتساب إلى قبيلة عربية إذ أنَّ النسب والانتساب إلى قبيلة عربية/ عرق العرب يتعَدَّدُ وليس نوعاً واحداً وهو نوعين مُختلفين عند النسابين الأصوليين:

١-نسب صُلْب عرقي أبوي أصلي (جيني). 
٢-نسب حلف وإضافة وتركيب غير أصلي وغير أبوي (غير جيني). 

ولا يعدوان هاذين التعبيرين (إضلال النَّسَب) و (جهالة النسب) أن يكونا إشارةً منهما إلى عدم إضافة هذه البيوت الفردية - غير المُتَكَتِّلَة- لنسبِها في تكتل عشائري في أحلاف واسم قبيلة عربية ما وبالتالي فهو (إضلال وجهالة نسب الإضافة والحلف والتكتُّل والتراكيب في قبيلة عربية) وأَمَّا النسب عند النسابين الأصوليين فليس نوعاً واحداً وليس شيئاً واحداً بل هو عندهم نوعين كما أسلفتُ فيُوجدُ من هو من أصل وصُلْب القبيلة العربية ويوجد المُضاف في اسم ونسب وحلف القبيلة العربية وليس هو من صُلْبِها وأصلها ولذلك فهذا (الإضلال للنسب) يتعدَّد إلى نوعين:

١-إضلال نسب الصُلْب العرقي الأبوي الأصلي. 
٢-إضلال نسب الحلف والإضافة والتركيب. 

وأَمَّا (إضلال نسب الصُلْب العرقي الأبوي الأصلي) فيتعدَّدُ وليس واحداً ويُوجد:

١- إضلال نسب الصُّلب الأبوي القريب. 
٢- إضلال نسب الصُّلب الأبوي البعيد.

والبيوت الفردية غير المُتَكَتِّلَة في تكتلات عشائرية في حلف واسم قبيلة عربية وكذلك البيوت المُتَكَتِّلَة في تكتلات عشائرية في أحلاف واسم قبيلة عربية تعلَمُ نسبَها (الصُّلْبِي الأبوي القريب) وتُعْرَفُ بأسمائها وألقابها في أجدادها القريبة التي تنتسبُ إليها وتَتَسَمَّى بها في أطراف سلاسل نسبها وأمَّا من جهة (نسب الصُّلب الأبوي البعيد) فالأصل في غالب الناس عربهم وغير عربهم أنهم يجهلونَ نسبَ صُلْبِهِم الأبوي البعيد في سلسلة أبوية مُتصلة من الطرف إلى الأصل بسبب تقادم الزمان والتناسي والإنتساب والتسمِّي باسم أو لقب جد أقرب في السلسلة الأبوية الأصلية ولذلك فأكثر البيوت الفردية غير المُتَكَتِّلَة في التكلات العشائرية والبيوت المُتَكَتِّلَة في تكتلات عشائرية يشتركون في (إضلال نسب  الصُّلب الأبوي البعيد). 

وأما من جهة (إضلال نسب الإضافة والحلف والتراكيب) فذراري البيوت الفردية غير المُتَكَتِّلَة في تكتلات عشائرية منهم من يجهلُ تُنَقُّلَ أسلافهم في التكتلات العشائرية سابقاً بين أحلاف القبائل العربية ولا يعلمونَ عنَ حلف أسلافهم في التكتل العشائري والخروج الأخير من حلف واسم القبيلة العربية ومنهم كذلك من يعلمُ عن تُنَقُّل أسلافهم في تكتلات العشائر بين أحلاف القبائل العربية وعن حلف أسلافهم الأقرب زمناً في التكتل العشائري والخروج الأخير من حلف واسم القبيلة العربية ومنهم من يضيفُ نسبَ أسرته مجرد إضافة إسمية في التكتل العشائري في الحلف الأخير لأسلافه في قبيلة عربية قائمة ولها كيان ووجود أو مجرد إضافة اسمية مباشرة في قبيلة عربية قديمة مُندثرة وليس لها كيان أو وجود في الوقت الحاضر وليس لها أفخاذ ولا حلفٌ يجمعُها ولا مشيخة عشائرية في بوادي العرب ويتسَمَّى باسم القبيلة العربية مباشرة بينما البيوت المُتَكَتِّلَة تكون مُتَكَتِّلَةً مع بيوت أخرى في تكتلات عشائرية في حلف واسم قبيلة عربية مُندثرة أو في حلف واسم قبيلة عربية موجودة وقائمة في الوقت الحاضر ولها أفخاذ وحلف ومشيخات عشائرية في بوادي العرب وهذه البيوت المُتَكَتِّلَة تضيفُ وتُرَكِّبُ نسبَها الصُّلْبِي القريب في التكتل العشائري القائم الحالي في حلف واسم القبيلة العربية. 

وأَمَّا السبب الأول الذي افترضه ابنُ خميس لتفسير ما عبَّر عنه بإضلال المرء لنسبه في المجتمع النجدي فهو حسب قوله: (لأنه وافد إلى هذا المجتمع من بلاد أخرى بل من مناطق أخرى من المجتمع السعودي أو غيره ...) أي (وافد إلى المجتمع النجدي من مكان آخر من داخل أو خارج جزيرة العرب) و بكلمات أخرى أي أنه شخص له رحلة إلى نواحي نجد وسط الجزيرة العربية فهو شخص غريبٌ على هذا المجتمع النجدي ودخيلٌ عليه ومعلوم أنَّ لكل رحلة سبب وابن خميس أوردَ ٣ ثلاثة أسباب مُحتملة لهذا الرحيل الذي أدَّى إلى إضلال هذا الشخص الوافد لنسب الحلف والإضافة والتركيب في قبيلة عربية وهذه الأسباب الثلاثة للرحيل كالتالي: 

١-له رحلة إلى نواحي نجد وسط الجزيرة العربية. 

وهذا الوافد بعد رحلته حسب ما أورده ابنُ خميس لم يهتم لأمر الدخول في حلف قبيلة عربية لعدم احتياج أو عدم رغبة أو دخل في الحلف ثُم تركه هو أو ذراريه أو بعض ذراريه بعد ذلك ولم يدخُلُوا في حلف آخر أو تنقَّلُوا بين أحلاف العرب ثُمَّ تركوها، وأضيفُ إلى ما أوردَه ابنُ خميس أَنَّهُ يوجدُ كذلك وافدٌ يهتَمُّ لأمر الدخول في حلف قبيلة ليتَخَفَّى فيها ويحمي نفْسَه في حلفها. 

وأَمَّا ابن خميس ذكرَ الرحيلَ هنا ولم يُعَبِّرْ عن سبب هذا الرحيل بشكل واضح وأَمَّا رحلات الأشخاص تَحْدُثْ غالباً بسبب الخلافات والمَشاكل ممَّا يتوجَّبُ الرحيلُ عن القبيلة والحلف والديار وتوجدُ رحلات لأسباب أخرى كالمُصاحبة في الرحيل مثل رحيل أعداد كبيرة من البربر توابعَ لعرب سُلَيْم وهوازن في رحلاتهم من جهات الغرب شمال أفريقية إلى الشرق ونواحي الجزيرة العربية في التوارد الكبير في الرجوع ما بين منتصف القرن العاشر الهجري ومنتصف القرن الحادي عشر الهجري وهذه البرابر نحو نصفها دخل في قبيلة عربية ونحو النصف الآخر في قبيلة عربية أخرى والبقية منهم من تفرَّقوا لاحقين في أحلاف القبائل العربية الأخرى ومنهم من استقلُّوا في بيوت فردية. 

٢-الهروب من الولاء والتبعيَّة لقبيلة من القبائل.

وأَمَّا الولاء والتبعيَّة ليستْ نوعاً واحداً بل تتعددُ إلى أكثر من نوع واحد ويوجد ولاء حقيقي برق ويوجدُ ولاءٌ اسميٌّ غير حقيقي بدون رق والنسابون الأصوليون يُفَرِّقُونَ بين هذه الأنواع، والولاء والتبعيَّة تختلفُ في تواريخها الزمنية، ويوجدُ ولاءٌ مُتَقَدِّم قديم ويوجدُ ولاءٌ مُتأخر ويوجدُ وولاءٌ حديث معاصر، وأمّا الولاء القديم والولاء المُتَأَخِّر يوجدُ عنه الخبر عند النسابين الأصوليين تناقلاً جيلاً بعد جيل، وأمَّا الولاء الحديث المعاصر وهو ولاء الخطف والرق والجلب فتم إبطاله ومنعُه من وقت قريب بعد تطور الفكر الإنساني وظهور حقوق الإنسان في العالم والعصر الحديث. 

والولاء والتبعِيَّة كنَسَبِ الصُّلْب وكنسب الإضافة لا يَثْبُتُ إلا ببينة من دليل نقلي مادي محسوس قديم للولاء القديم والمتأخر وببينة من دليل نقلي مادي محسوس معاصر حديث للولاء الحديث القريب، والعربُ أطلقتْ صفةَ (المولى التابع/الولاء والتبعية/الموالي والتوابع) على من كانَ من عرق غير العرب حُراً ورقيقاً وعلى العربي الأصلي الرقيق من عرق العرب مِمَّنْ وقع عليه الرق بخطف أو أسر أو سبي وأمَّا إطلاق صفة (خَضِيْر) على (المولى التابع) فهو مُخالفٌ لما كانت عليه العرب قديماً والعربُ أطلقته فقط وصفاً لحال العربي الأصلي من عرق العرب المُنقطع من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بخلاف أو رحيل أو تَقَطُّع القبيلة وتَمَزُّق حلفها وإنما حدَث هذا التوسع الأخير في إطلاق صفة (خَضِيْر) من التوابع المُتمردة بعد قيامهم على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري كما أسلفتْ بقصد خلط متبوعيهم الأشراف الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة مع غيرهم بعد خروج متبوعيهم من تكتلات العشائر إلى بيوت فردية وتركهم أحلاف العرب في البوادي والحواضر وبقصد تضييع أنساب متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وكسر نفوسهم ولتنفرَ عنهم العربُ. 

وأَمَّا الموالي التوابع منهم من عرق العرب ومنهم من عرق غير العرب ومنهم بِيض اللون وشديدوا البياض والحُمْرَة والشُّقْرَة ومنهم من لهم  أجسام ضخمة وعليهم ملامح الأعراق غير العربية من عرق الشرق والفرس والديلم والهند والصين والجركس والترك والكرد والقجر والبربر وغيرهم ومنهم من لَحِقَ داخلاً في حلف القبيلة العربية وصار في عدادها وأخذَ المشيخةَ في العشيرة والأمارة في القبيلة العربية وأخذَ الحُكْمَ والسُّلطانَ قبل ظهور الإسلام وبعده قديماً وحديثاً، ويوجد منهم في البيوت الفردية في النظام الفردي ويوجدُ منهم في البيوت اللاحقة في التكتلات العشائرية المُضافة في حلف واسم ونسب القبائل العربية في النظام القبلي، والتوابع هم الأكثر حرصاً على الدخول في أحلاف العرب والأكثر حاجة للحماية والتخفِّي في إضافات وتراكيب التكتلات العشائرية في حلف واسم ونسب القبيلة العربية وإخفاء نسب الولاء والتبعيَّة ولذلك امتلئتْ بهم القبائلُ العربية. 

وأَمَّا الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة كانَ عندهم الكثيرُ من الموالي التوابع من أعراق مُختلفة وأكثرهم من عرق غير العرب وأكثرهم بيض البشرة وكانَتْ هذه التوابع مع متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في تكتلات العشائر في أحلاف العرب وتفرَّقَ أكثرُهُم وأفلتوا من متبوعيهم ورحلوا ولحقَوا في تكتلات العشائر في حلف واسم ونسب القبائل العربية في البوادي والحواضر داخل وخارج جزيرة العرب قبل وبعد تمردهم وقيامهم الثالث الأخير على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في سنوات النكبة الكُبرى الثالثة الأخيرة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، ويوجدُ من ذراري الأشراف الهاشمية الأصلية ومن ذراري العرب الأصلية مَنْ اختلطتْ ذراريهم بذراري توابعهم وتَسَمَّتْ باسم توابعهم وأضافتْ نسبَهَا إليهم في التكلات العشائرية المُضافة في حلف واسم ونسب القبائل العربية أو تَسَمَّتْ بأسماء أو ألقاب هذه التوابع في بيوت فردية غير مُتَكَتِّلَة في تكتلات عشائرية مُضافة في حلف واسم ونسب القبائل العربية. 

٣-التَّخَفِّي خوف الثأر بعد سفك الدماء وترك القبيلة. 

كانَتْ الخلافاتُ كثيرةَ الحدوث بين العرب في البوادي والحواضر وأكثرها خلافات حول ورد الإبل أو ملكية ناقة أو سباق هجن أو رمي سهام أو اعتداء على حليف جوار أو مشيخة في القبيلة والديار ونحوه وكثيراً ما يتطوَّر الخلافُ إلى سفك دماء بين طرفي الخلاف وتحدُثُ الثارات وتتوالى بينهم وإذا حدثَتْ الواقعةُ الأولى لسفك الدماء ورحلَ سافكُ الدم عن القبيلة والديار قبل أَنْ ينتقم منه أصحابُ الثأر فعادةً ما يلجأُ إلى قبيلة أخرى للحماية أو يتخَفَّى بين العرب في البيوت الفردية في الحواضر والقُرَى ويُخْفِي نسَبَه لكي لا يُعْرَفَ ويَعْلَمَ بمكانه أصحابُ الثأر فيأتون إليه ليقتلوه، وعادةً أَنْ مَنْ يتَخَفَّى لاجئاً في قبيلة ما فمآله أو مآل ذراريه الدخول في أحلافها في النظام القبلي في الأخير وأَمَّا من يتخفَّى بين البيوت الفردية في الحواضر والقُرَى سيكون مآله ومآل ذراريه في النظام الفردي وربما لَحِقَ هو أو ذراريه أو بعض ذراريه في تكتلات العشائر المُضافة في حلف واسم ونسب القبائل العربية بعد ذلك.

وسافكُ الدم الراحل عن القبيلة إمَّا أَنْ يكونَ عربياً أصلياً من عرق العرب وهذه القبيلة تكونُ قبيلتُه الأم العربية الأصلية التي هو من أصلها وصُلبها وبرحيله عنها انْقَطَعَ من حلفها وهو بذلك عند العرب يُسَمَّى (خَضِيْر) لانقطاعه من حلفه قبيلته الأم العربية الأصلية ما لم يَعُدْ إلى حلفها مَرَّةً أخرى وأَمَّا إِنْ كانَتْ هذه القبيلة التي رحل عنها بعد سفكه الدم وانقَطَعَ من حلفها ليستْ بقبيلته الأم العربية الأصلية فهو (خَضِيْر) قبل دخوله في هذه القبيلة وبعد دخوله فيها وبعد سفكه الدم فيها وبعد رحيله عنها وانقطاعه من حلفها ما دام مُنقَطِعاً من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية في الأساس. 

وأَمَّا إِنْ كانَ سافكُ الدم والراحل عن القبيلة ليس عربياً أصلياً من عرق العرب وأياً كانَتْ القبيلة الراحل عنها والمُنْقَطِع من حلفها بعد سفكه الدم فالعرب تُسَمِّيه (مولى تابع) لأَنَّهُ من عرق غير العرب ولا تُسَمِّيْه (خَضِيْر).

ويُمْكِنُ تلخيصُ ما سبق عن السبب الأول في ما سمَّاه ابنُ خميس بإضلال المرء لنسبه بعد رحيله إلى نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وأَدَّى هذا الإضلال للنسب إلى إطلاق:

- وصف (خَضِيْر) بصيغة المُفرد على الوافد إلى المجتمع النجدي من مكان آخر داخل وخارج جزيرة العرب. 
-وصف (خَضِيْرِيَّة) بصيغة الجمع على الوافدين إلى المجتمع النجدي من مكان آخر داخل وخارج جزيرة العرب.

ويُلاحظ أَنَّ ابنَ خميس هنا لم يُقَدِّم استنتاجاً أو إشارة إلى الأصل اللغوي الذي أخذوا منه هذا الوصف (خَضِيْر) ليُطْلِقُوه على هذا الوافد صاحب الرحلة إلى منطقة نجد نواحي وسط الجزيرة العربية ولذلك ابن خميس لم يُرَجِّحْ هذا السبب الأول لعدم وجود استنتاج لديه بخصوصه بينما رَجَّحَ السَّببَ الثاني وهو أَنَّ العددَ الكبيرَ من البيوت الفردية التي تركتْ أحلافَ العرب هي من ذراري من (أضلَّ نَسَبَه) من أيام حكم الدولة الأخيضرية (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) لمنطقة نجد وسط الجزيرة العربية دون تمييز ابن خميس لنوع هذا النسب وأنَّ الناس أخفتْ أنسابَها لمُحاربة الأشراف الأخيضرية للقبلية والقبائل العربية هو استنتاج مُخالف لما وردَ في المصادر المخطوطة المُتناقلة من أيام الدولة الأخيضرية (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) وبعد سقوطها في عام ٤٥٠ هجرية وحتى أواخر القرن الثالث عشر الهجري تناقُلاً جيلاً بعد جيل ولا يوجدُ فيها ذكرٌ لمحاربة الأشراف الأخيضرية للنظام القبلي وأَنَّ الناسَ أخفتْ أنسابَها نتيحةً لذلك بل على النقيض من ذلك فالمُثبتُ فيها أنَّ الأشراف الأخيضرية جائوا من البادية والدولة الأخيضرية وُلِدَتْ من رحم النظام القبلي وكانتْ القبيلة من نسيج مجتمعهم ودولتهم الدولة الأخيضرية والأشراف الأخيضرية نزلوا إلى اليمامة بمساعدة أخوالهم وحلفائهم عرب هوازن وسُلَيْم الذين ثاروا أكثر من مرة على العباسية وولاتهم الجائرين ناقمين عليهم إجحافهم في حقهم وتقريبهم لغير العرب في مناصب الدولة العباسية وإقصائهم للعرب وكانَتْ هذه النقمة العربية سبباً في نجاح ثورة الشيخ الأمير الشريف إسماعيل بن يوسف الأخيضر الأول الأخيضرية الحسنية الهاشمية على عُمَّال وولاة العباسية في الحجاز نواحي غرب الجزيرة العربية وإنما رحلات العرب التي ذكرها ابنُ حوقل وغيره حَدَثَت قبل وبعد تأسيس الدولة الأخيضرية بسبب خلافات هذه العرب ومن معهم من عمال التعدين من اليهود وغيرهم المُضافين في نسب ربيعة وبين مالكي المناجم من عرب هوازن وسُلَيْم العربية وعدم التزام هذه العرب وعُمَّالهم بما اتَّفقوا عليه من حصة الريع مع هوازن وسُلَيْم وحكمَتْ الأشرافُ الأخيضرية في صالح المُلَّاك هوازن وسليم لمُخالفة الوكلاء من العرب وعمالهم للاتفاق وقضوا بوجوب الالتزام بالاتفاق وانسحبَتْ لذلك هذه العرب وعُمَّالُهُم من الاتفاق ورحلوا داخل وخارج جزيرة العرب لينقبوا عن المعادن في تلك النواحي والديار بعد هذه الخلافات وترغيب ولاة العباسية لهم بالرحيل إلى مناطق التعدين في ديار مصر وليُزَاحِمُوا قبائلَ البجة هناك وأَمَّا رحلات العرب الأخرى خارج الجزيرة العربية فكان سببه القحط وانقطاع السيل وأَمَّا نظام المُقاسمة للأراضي الزراعية فهو نظام موجود في اليمامة من أيام ولاة وعمال العباسيَّة قبل نزول الأشراف الأخيضرية اليمامة وتأسيسهم للدولة الأخيضرية بها وأضِفْ إلى ذلك أَنَّ الأشرافَ الأخيضرية لم يُجبروا أحداً في أيام دولتهم باليمامة على تغيير دينه أو مذهبه ولم يكونوا يتدخَّلون في أديان ومذاهب الغير وكانَ من أهل الكتاب من اليهود والنصارى وغيرهم يعيشون في كنف الدولة الأخيضرية ولا يتعرَّضُونَ لهم ولا لغيرهم ما داموا مُلتزمين بقوانين وعادات الدولة الأخيضرية. 

ولو أَنَّ (أُخَيْضِرِي) النِّسْبَة إلى الأشراف الأخيضرية تغَيَّرَتْ على ألسنة الناس مع مرور الزمان لأصبحَتْ (وُخَيْضِرِي) وهو الأقرب لتسهيل اللسان للهمزة وليستْ (خَضِيْرِي) وهذا التغيير المُفترض لم تَذْكُرْهُ المَصادرُ المخطوطة القديمة المُتناقلة جيلاً بعد جيل بل أشارتْ إلى بقاء النسبة (أُخَيْضِرِي)  و (الأخيضرية) و (ابن الأخيضر) على الألسُن إلى أيام القيام الأخير للتوابع المُتمردة على متبوعيها الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في سنوات النكبة الكُبرى الثالثة الأخيرة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وأَمَّا الصفة العربية (خَضِيْر على وزن فَعِيْل) ما تزال حتى اليوم تُلْفَظُ بنطقها القديم الأصلي المُثْبَتِ في المَصادرُ المخطوطة القديمة المُتناقلة جيلاً بعد جيل دون تغيير أو تبديل في حركات حروفها بعد مرور أكثر من ١٤ أربعة عشر قرناً هجرياً. 

ويُفهمُ من سياق حديثه واستنتاجه أنَّ هذه الذراري الكثيرة للبيوت الفردية التي أُطْلِقَ عليها هذا الوصف (خَضِيْرِيَّة) هم ذراري الوافدين إلى المجتمع النجدي من مكان آخر أو ذراري من كانوا تحت حكم الأشراف الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ورَجّحَ ابنُ خميس السببَ الثاني الأخير الذي افترضه وهو وقوع منطقة نجد تحت حُكْمِ الدولة الأخيضرية سبباً في وجود ظاهرة إطلاق صفةِ (خَضِيْر) على البيوت الفردية واشتقاقها لغوياً من اسم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية نظراً لاشتراك صفة (خَضِيْر) واسم (الأخيضرية) في نفس الجذر اللغوي (خضر)، بينما يُوجدُ فرقٌ بين الصفَتَيْن في المعنى والاشتقاق اللغوي مُثْبَتٌ في المصادر المخطوطة القديمة المُتناقلة جيلاً بعد جيل، فَصِفَة (خَضِيْر) في لغة العرب من القَطْع والانقطاع؛ من قَطْعِ وانقِطَاع الشيء من أصله، وأَمَّا صفة (أُخَيْضِر) التي أُخِذَ منها اسم ولقب الأشراف الأخيضرية هي في لغة العرب تصغير أخضر من اللون؛ من الخُضْرَةُ وهي سُمرة وسواد اللون.

وكما رأينا فابنُ خميس في السبب الثاني من استنتاجه حمَّلَ الأشرافَ الأخيضرية الحسنية الهاشمية  المسئوليةَ عن ضياع أنساب وانتسابات البيوت الفردية الكثيرة في القبائل العربية دون تحديد منه لنوع هذا النسب والانتساب للقبيلة العربية من حيث كونه نسب صُلْب وعرق أم نسب حلف ودخول وألقى باللائمة على الأشراف الأخيضرية في سببِ إطلاق صفة (خَضِيْر) و (خَضِيْرِيَّة) عليهم لإخفائهم لأنسابهم وانتساباتهم القَبَلِيَّة مُجبرين طيلة ٢٥٠ سنة من حكم الأشراف الأخيضرية لمنطقة نجد نواحي وسط الجزيرة العربية، وأَمَّا الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية دام حُكمها قرابة قرنين هجريين فقط وسقطتْ في عام ٤٥٠ هجرية وهو المُثْبَتْ في المصادر المخطوطة القديمة المُتناقلة جيلاً بعد جيل وليس قرنين هجريين ونصف ٢٥٠ سنة، وأَمَّا الأشراف الأخيضرية لا علاقة لهم بهذا الإخفاء والضياع المزعوم في فترة حكم الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية كما بينتُ سابقاً، وأمَّا صفة (خَضِيْر) كانَتْ موجودة عند العرب قديماً قبل تأسيس الدولة الأخيضرية باليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في عام ٢٥٢ هجرية وقبل الجور والقيام الثالث الأخير للتوابع المُتمردة الباغضة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري (١١٥٧-١٢٠٠ هجرية) وهذا هو الإطلاق الثالث الأخير من قبل هذه التوابع المتمردة الباغضة وذراريهم على متبوعيهم وأشرْتُ إلى ذلك عدة مرات في هذه المُفردة وفي مُفردات سابقة. 
 
وأَمَّا قول ابن خميس عند ترجيحه للسبب الثاني ولومه الأشراف الأخيضرية في ضياع أنساب وانتسابات البيوت الفردية الكثيرة: (وهذا هو المُرَجَّح في إطلاق هذه التسمية على طائفة كبيرة مِمَّنْ لا يحتَفِظُون بأنسابهم ومِمَّنْ أُطْلِقَ عليهم هذا الوصف (خَضِيْر))؛ يُلاحظُ استعمالُ ابن خميس لعبارة (لا يحتفظون بأنسابهم) وهو هنا يَتحَدَّثْ عن نسب واحد وشيء واحد في وقته ما بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين وهو في حقيقته نسب الحلف والإضافة في تكتل عشائري في اسم ونسب قبيلة عربية وتحديداً هو التواجد في تكتل عشائري في حلف قبيلة عربية، وتَرْكُ الأفراد والبيوت لحلفهم الأصلي في قبيلتهم الأم العربية الأصلية بسبب الخلافات أو الرحيل أو تَفَكُّك القبيلة وتقطُّع حلفها والدخول بعد ذلك في حلف قبيلة أخرى والتنَقُّل بين أحلاف العرب والانفراد على ظل السيف وعدم مُحالفة أحدٍ من العرب أمرٌ يقعُ قبل تأسيس الدولة الأخيضرية في اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في عام ٢٥٢ هجرية وفي أيام الدولة الأخيضرية (٢٥٢-٤٥٠ هجرية) وبعد سقوطها في عام ٤٥٠ هجرية وحتَّى يومنا الحاضر، والعربي الأصلي من عرق العرب المُنقَطِع من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية هو (خَضِيْر) انقَطَعَ من أصل قبيلته بأسباب الخلافات أو الرحيل أو تَقَطُّعِ قبيلته وحلفها في الحروب والواقعات وغيره وهو (خَضِيْر) ما دام مُنقطعاً من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية وإذا عاد إليه زالتْ عنه هذه الصفة (خَضِيْر) لزوال السبب وهو الانقطاع، وأَمَّا نسب الصُّلْب والعرق فهو واحد لا يتعَدَّدُ عبر الأجيال وأَمَّا نسب الحلف والإضافة فهو يتعَدَّدُ بسبب تنَقُّل الذراري بين أحلاف العرب وتوجدُ ذراري تعدَّدَ نسبُ حلفها أكثر من مرة في السنة الواحدة تَحْدُثُ معهم الخلافاتُ في الحلف ثُمَّ يتركونه ويرحلون وينتقلون إلى حلف آخر وهكذا وبعض الذراري آنذاك تُدْرِكُ نسَبَ صُلْبِها العرقي الأصلي وتتناقلُهُ شفاهياً بالعد والتسلسل أو مكتوباً في وثائق ومُستمسَكات مخطوطة وتُمَيِّزُ بينه وبين نسب حلفها، وعدم حفاظ الذرية على خبر نسب صُلْبِها يحدُثُ بسبب انقطاع التناقل بين الأب وأبنائه لسبب ما كأنْ يُتَوَفَّى الأبُ وأبناؤه صغار ولم يسمعوا منه أو بسبب ضياع الوثائق والمُستمسكات والكتُب في الحروب والواقعات وانتهابها وإخفائها وحرقها مثل ما حصلَ للأشراف الخواورة الحسينية الهاشمية والأشراف القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية في القيام الثالث الأخير للتوابع المُتمردة لطمس آثارهم المادية المحسوسة أو بسبب حدوث التناسي والجهل بسبب تربية التابع لأبناء متبوعيه واختلاط الذراري بذراري أخرى في التراكيب والإضافات والأحلاف وبعد ذلك لا تَعْرِفُ الذراري سوى نسبَ الحلف المُتواجدة فيه، وأَمٍَا عدم احتفاظ البيوت الفردية بنسب حلف قائم هو بسبب تَرْكِ أسلافهم للحلف ولذلك لا يَنْسِبُونَ نسَبَهُم لحلفٍ لا يتواجدُون فيه، والفرقُ بين النظام الفردي والنظام القبلي هو فقط التواجد في حلفٍ من عدمه. 

ب_قسم التعليق 
ويمكنُ تلخيصُ ما ذَكَرَهُ ابنُ خميس في هذا القسم كما يلي:

(ولكن الذي يُؤسفُ أَنَّ هناك طائفة من هذا المُجتمع [النجدي] تُغَذِّي هذه الظاهرة وتُنَمِّيها وتَبُثُّ بذورَ الفرقة
فطوراً يُسَمُّوْنَ هؤلاء عَبِيْداً
وطوراً يُسَمُّوْنَهم صُنَّاعاً
بحكم أَنَّ بعضَهم يمتهنُونَ الصناعة وهي عيبٌ في الوسط العربي
وطوراً يُسَمُّوْنَهم صفافيراً
ويتلَطَّفُ البعضُ فَيُسَمِّيْهم خط ١١٠ مئة وعشرة. 

وإذن لأقررنا التفرقة بين مجتمع واحد ولجارينا الطائفة التي نذرتْ نفسها للتمييز بين هذا المجتمع الذي تربطه روابط الخير لأنَّ الرب واحد والأب واحد واللسان واحد والعقيدة واحدة والوطن واحد، لا نُريد أَنْ نَبعثها جيفةً مُنتنةً يبرأُ منها الإسلام ويبرأُ منها المجتمعُ الأصيل المُتماسك، اطرحُوها فهي وباء. 

لا نُرِيْدُ أَنْ نُناقشَ هذا الموضوع، لا نُرِيْدُ أَنْ نقولَ لماذا؟ وكيف؟ وحتَّى متى؟ فالزمن كفيلٌ بمعالجته طال أو قَصُر. 

ولا نُرِيْدُ أَنْ نَقِفَ مُظْهِرِيْنَ أو مُتظاهرين لما يتميَّزُ به الخَضِيْرِيَّة من واقع هو المثل الأعلى في خصال الخير والشهامة والنُّبْل والجود ومكارم الأخلاق والشجاعة. 

لقد فكَّرْتُ في حصر هؤلاء الذين لا يرجِعُوْنَ إلى نسب معروف فوجدتُهم في مجتمعنا كثيرين جداً واكتفيتُ بالإشارة إليهم بهذا التعريف الخفيف). 

انتهى مُلخَّصاً من النص المذكور مع اختصار وتصرُّف وزيادة وتقديم وتأخير. 

ويمكنُ مُناقشةُ وتحليلُ بعض ما ذكره ابنُ خميس في تعليقه حول طائفتين من المجتمع النجدي وهما طائفة (الخَضِيْرِيَّة) وهي البيوت الفردية التي أُطْلِقَ عليها هذا الوصف وطائفة أخرى مُتَعَصِّبَة ضد طائفة البيوت الفردية (الخَضِيْرِيَّة)، فيما يأتي:

وأَمَّا قول ابن خميس: (ولكن الذي يُؤسفُ أَنَّ هناك طائفة من هذا المُجتمع تُغَذِّي هذه الظاهرة وتُنَمِّيها وتَبُثُّ بذورَ الفرقة) 

فهذا (المجتمع) الذي يُشيرُ إليه هو المجتمع النجدي بما فيه مجتمع إقليم القصيم بالإضافة إلى مجتمع منطقة حائل نواحي شمال الجزيرة العربية. 

وهذه الطائفة التي وصَفَها بأَنَّها (تُغَذِّي هذه الظاهرة وتُنَمِّيها وتَبُثُّ بذورَ الفرقة) فهي أفراد مُتعصِّبون من البيوت اللاحقة في تكتلات عشائرية مُضافة في حلف واسم ونسب القبيلة العربية. 

وأَمَّا (هذه الظاهرة) فهي ظاهرة التعصُّب من قِبَلِ أفراد من البيوت المُضافة في تكتلات عشائرية لاحقة في أحلاف العرب توارثاً وتناقُلاً للبُغض والاستنقاص ضد البيوت الفردية جيلاً بعد جيل من أيام أجدادُهم التوابع المُتمردة الباغضة وحتى يومنا الحاضر وخاصة من ذراري التوابع البيض المُتمرِّدَة وخصوصاً من ذراري توابع الموارد والديار من الحُرَّاس والفلَّاحين في القُرَى والحواضر مِمَّنْ تَمَرَّدَ أسلافُهم على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وفي إقليم حائل شمال الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري وأجبروا متبوعيهم على الحرف اليدوية التي تترفَّعُ عنها بقيةُ العرب وأطلقُوا عليهم صفةَ (خَضِيْر) بقصد الذم والتنقُّص. 

وهذه الطائفة المُتَعَصِّبَة ليسوا فقط من ذراري التوابع البيض المُتمرِّدَة الباغضة بل معهم كذلك من يُوافقُهُم في البُغض من بعض العرب ومن يُسايُرُهم في البُغض من بعض جهلة ذراري بيوت الأشراف الهاشمية الأصلية اللاحقة في تكتلات عشائرية وتَتَسَمَّى باسم ونسب وحلف القبائل العربية. 

وهذا التَّعَصُّب في حقيقته عُنصرية ضد البيوت الفردية التاركة للتكتلات العشائرية والأحلاف العربية وهذه العنصرية مَبنية حقيقةً على أساس (فكرة الانتماء إلى حلف قبلي مِنْ عَدَمِه) الموجودة عند عوَّام الناس وافتراض أصالة أنساب بيوت الأحلاف في عرق العرب حسب مفهوم العوام نظراً لوجودهم في تكتلات عشائرية مُضافة في حلف واسم ونسب القبائل العربية بدون وعي منهم أو بتجاهل منهم للفرق بين نسب الصُّلْب والعرق الأبوي وبين نسب الحلف والإضافة المُرَكَّب وأَمَّا وجود البيت في تكتلات عشائرية ليس ضمانة مؤكدة على الأصالة المُفترضة للنسب في عرق العرب وكما يوجدُ (خَضِيْر) من عرق العرب في البيوت الفردية فإِنَّه يوجَدُ كذلك (خَضِيْر) من عرق العرب ما زالوا لاحقين في تكتلات العشائر في أحلاف العرب ومعهم التوابع من أعراق مُختلفة لاحقين في تلك الأحلاف العربية وأحلاف العرب مُتَوَارَدَة عبر القرون التاريخية التي مَرَّتْ على العرب ومن يتوافَقُ نسبُ صُلْبِهِ مع نسب حلفه في القبيلة قليل ومن بقي من ذراري العرب الأصلية في حلف القبيلة الأم الأصلية قليل بسبب الخلافات والرحيل وانقراض الذراري وفي المُقابل يَرى هؤلاء المُتعصبون عدم أصالة بعض أو جميع أنساب البيوت الفردية في عرق العرب. 

وأَمَّا هذا التَّعَصُّب ليس موجوداً عند جميع أفراد البيوت اللاحقة في تكتلات عشائرية في حلف اسم ونسب القبائل العربية بل منهم من يفرضُ احترامه على الجميع بدماثة أخلاقه وأدبه وحُسْنِ تعامله وطيب سيرته ولا يَخطُرُ التَّعَصُّب على باله ومُتصالح مع نفسه ومع من حوله في مجتمعه ويوجدُ على النقيض من يَتَنَفَّسُ التَّعَصُّب بباعث التعالي على غيره من البيوت الفردية لعدم وجودهم في تكتلات عشائرية مُضافة في حلف واسم ونسب القبائل العربية مُغْتَراً بوجود بيته في تكتل عشائري مُضاف في حلف واسم ونسب القبائل العربية أو مُتَوارِثاً للبغض والذم والاستنقاص عن أسلافه التوابع المُتمرِّدَة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة من أيام الجور والقيام الثالث الأخير ومنهم ذلك الذي نطق لسانُه حقداً في مجلسه أَمام الحاضرين وهو في سنوات حياته الأخيرة وألقى التُّهم السيئة على البيوت الفردية بَعْدَ وصفه لهم بالخَضِيْرِيَّة وباعثُ ذلك سابق تبعية أسلافه لتوابع الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وكانوا توابع توابع الطاعة وكلَّفتْهم توابعُ الطاعة بأعمال مُختلفة وتَجِدُ آخر وهو على سرير المرض في المستشفى ينطقُ لسانُه حقداً على البيوت الفردية بَعْدَ وصفه لهم بالخَضِيْرِيَّة أمام زائريه بدون مُقَدِّمات وبواعث ذلك البُغض لسابق عمل أسلافه التوابع في إبعاد الميتات والقاذورات عن أماكن متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة قبل القيام الثالث الأخير للتوابع على متبوعيهم وآخر مِمَّنْ يتَخَفَّى في اسم تكتل عشائري واسم قبيلة عربية وحَمَلَ لواءَ التَّعَصُّب في وقتنا المُعاصر ودائماً ما نَفَرَ الناسُ عن مُجالسته لما يَخْرُجُ من قلبه على لسانه من تَكَبُّر واستنقاص للبيوت الفردية أساسه البُغض لهم لسابق تبعية أسلافه التوابع لمتبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية من أيام جده التابع البربري (...) وهو من برابر هوازن والموجود في القرن التاسع الهجري. 

ويُتَابِعُ ابنُ خميس تعليقَه على هذه الطائفة المُتَعَصِّبَة من المجتمع النجدي وما يطلقونه من أوصاف بقصد الذم والاستنقاص على البيوت الفردية بالإضافة إلى صفة (خَضِيْر) و (خَضِيْرِيَّة) فيقول: 
( فطوراً يُسَمُّوْنَ هؤلاء عَبِيْداً
وطوراً يُسَمُّوْنَهم صُنَّاعاً
بحكم أَنَّ بعضَهم يمتهنُونَ الصناعة وهي عيبٌ في الوسط العربي
وطوراً يُسَمُّوْنَهم صفافيراً
ويتلَطَّفُ البعضُ فَيُسَمِّيْهم خط ١١٠ مئة وعشرة.) 

وأَمَّا قوله (فطوراً يُسَمُّوْنَ هؤلاء عَبِيْداً)؛ فوصف بعض هؤلاء المُتعصبون ضد غيرهم من البيوت الفردية بصفة العبودية هو تعميم ومحض افتراء منهم على البيوت الفردية، والبيوت الفردية فيهم بيوت عربية أصلية من عرق العرب وفيهم ذراري أشراف هاشمية أصلية، وتوجدُ ذراري توابع من أعراق مُختلفة وقعتْ عليهم العبوديةُ الحقيقية من الرِّقُ والجَلْبُ تركتْ تكتلاتِ العشائر وأحلاف العرب في النظام القبلي وخرجتْ إلى بيوت فردية في النظام الفردي وتوجدُ ذراري توابع وقعتْ عليهم العبوديةُ الحقيقية من الرِّق والجَلْب بقيَتْ في تكتلات العشائر وأحلاف العرب في النظام القبلي ويُعَدَُّونَ من العرب في القبيلة ويتسمَّونَ باسم القبيلة العربية ومنهم من أَخَذَ المشيخةَ والأمارةَ في القبيلة العربية بل ومنهم من أَخَذَ الحُكْمَ والسُّلطانَ في النواحي والديار داخل وخارج جزيرة العرب. 

وهؤلاء المُتعصِّبُون مِمَّنْ يُطْلِقُ على البيوت الفردية صفةَ العبودية (عَبِيْد) بالإضافة إلى صفة (خَضِيْر) بقصد التعالي والتَّنَقُّص والبُغض للبيوت الفردية هُمْ يُريدونَ تغيير صفةَ (خَضِيْر) عن معناها الأصلي عند العرب قديماً كما فعلَتْ أجدادُهم التوابع المُتمرِّدَة بباعث البُغض لتكون مُرادِفَةً لصفة العبودية (عَبِيْد) لغرض النيل من متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة لخلطهم في صفة واحدة مع ذراري التوابع التي وقعتْ عليهم العبودية الحقيقية لتضييع أنسابهم وكسر نفوسهم وطمس آثارهم ومحو ذكرهم ومُثْلُ ذلك ما أجاب به أحدُهم عندما سُئِلَ في أحد مجالسه وعرَّفَ صفة (خَضِيْرِي) بأنه شخص أصله من الموالي وهذا التعريف منه على هذا النحو خلافاً لما كانتْ عليه عند العربُ قديماً وإلصاقه صفةَ (الولاء) على الشخص المنتمي لبيت فردي نَقَلَه بشكل صريح عن أسلافه من التوابع المُتمردة الباغضة توارثاً للبغض والتَّنَقُّص والذم ضد متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة لسابق عمل وتبعية جده التابع (...) حارس المورد في إقليم وادي الدواسر نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وذراريه منهم  ما يزال في تكتلات عشائرية مُضافة في حلف واسم القبيلة العربية ومنهم من تركَ أحلافَ العرب والنظام القبلي وخرج إلى بيوت فردية في النظام الفردي. 

وأَمَّا الأصل في جميع البشر هو الحرية وأَمَّا العبودية فأمر طاريء اقترفه بعضُ البشر في حق أخوتهم من البشر الآخرين، والعبودية هي وقوع الرِّق على شخص وهي تَتَعَدَّدُ وليستْ نوعاً واحداً وتوجد عبودية حقيقية وتوجدُ عبودية إسمية غير حقيقية وتوجدُ عبودية قديمة ومُتأخرة وحديثة، والعبودية تماماً كنَسَبِ الصُّلْب وكنسب الإضافة لا تَثْبُتُ إلا ببينة من دليل نقلي مادي محسوس قديم للعبودية القديمة والمتأخرة وببينة من دليل نقلي مادي محسوس معاصر حديث للعبودية الحديثة القريبة، والعربُ أطلقتْ صفةَ (المولى التابع/الولاء والتبعية/الموالي والتوابع) على من كانَ من عرق غير العرب حُراً ورقيقاً وعلى العربي الأصلي الرقيق من عرق العرب مِمَّنْ وقع عليه الرق بخطف أو أسر أو سبي وأمَّا إطلاق صفة (خَضِيْر) على (المولى التابع) الذي وقعتْ عليه العُبودية فهو مُخالفٌ لما كانت عليه العرب قديماً والعربُ أطلقتْ صفةَ (خَضِيْر) فقط وصفاً لحال العربي الأصلي من عرق العرب المُنقطع من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بخلاف أو رحيل أو تَقَطُّع القبيلة وتَمَزُّق حلفها وأَمَّا التوسع الأخير في إطلاق صفة (خَضِيْر) والسعي في إلصاق صفة العبودية (عَبِيْد) على جميع البيوت الفردية حدَثَ من التوابع المُتمردة الباغضة وذراريهم بعد قيامهم الثالث الأخير على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري كما مَرَّ معنا بقصد خلط متبوعيهم مع غيرهم لتضييع أنسابهم وتنفير العرب عنهم. 

وأَمَّا قوله (وطوراً يُسَمُّوْنَهم صُنَّاعاً بحُكم أَنَّ بعضَهم يمتهنُونَ الصناعة وهي عيبٌ في الوسط العربي)؛ وهذا تعميم من هذه الطائفة المُتعصبة في إطلاق صفة الصناعات اليدوية (صُنَّاع جمع صَانِع وصَنَّاع) على جميع البيوت الفردية بقصد التعالي وبقصد الذم والتنقُّص خصوصاً من ذراري التوابع المُتمردة الباغضة بعد قيامهم الثالث الأخير وسعيهم لإلصاق كل ما يرونه نقيصةً بمتبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بعد خلعهم طاعة متبوعيهم ووفاة وقتلهم متبوعيهم شيوخ وأمراء بيوت الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وبيوت حلفائهم من العرب وبيوت توابع الطاعة وتكالبهم على ذراري متبوعيهم اليتامى الصغار بعد عجزهم عن الرحيل وتركهم البوادي وأحلاف العرب ودخولهم القُرَى في الحواضر وإكراههم على مُمَارسة وتَعَلُّم الحرف اليدوية من توابع الحرف اليدوية لكسر نفوسهم وتضييع أنسابهم ولتسري في أجيالهم لمحو ذكرهم وطمس آثارهم وتنفير العرب عنهم ومُعايرتهم واستنقاصهم بها فضلاً عن الإيذاء الجسدي والنفسي واللفظي والاقتصادي من ربط وضرب وقتل وتشريد لمتبوعيهم وإطلاق صفات الذم والتَّنَقُّص وأشنع التُّهم عليهم ومُضايقتهم في الطرقات والمَجالس وإلزامهم بوضع أيديهم على رؤسهم في المَجَالس إشعاراً لهم بالحُزن والإنكسار والإذلال وانتهاب أموالهم الثابتة والمنقولة من خيل وإبل وأموال ومتاع وموارد ومراعي وديار وأراضي وباعثُ كلُّ ذاك البُغض منهم لمتبوعيهم الأشراف الأخيضرية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة الذين رفضوا التَّمردَ والخيانةَ وثبتُوا على موقفهم حتَّى آخر لحظة من حياتهم. 

وأَمَّا أفراد البيوت الفردية في النظام الفردي في القُرَى عَمِلُوا في الأعمال والحرف المعيشية في التجارة والرعي والزراعة والصناعات اليدوية وغيرها ومن عَمِلَ منهم في الصناعات اليدوية عَمِلَ فيها مُضطراً للمعيشة بعد انكسار وتغَيُّر أحوال أو إكراهاً من مُتَغَلِّب عليهم مثل ما حَدَثَ للأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بعد تَغَلُّبِ توابعهم المتمردة عليهم في الجور والقيام الثالث الأخير، والأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة عبر تاريخهم الطويل المُمتد وقبل هذا التمرد الثالث الأخير كانَ عندهم الكثيرُ من توابع الأعمال والحرف اليدوية وكلَّفوهم بالقيام بأعمال مُختلفة وأكثرهم توابع بيض من أعراق مُختلفة وأكثرهم من عرق غير العرب وتفرَّقُوا في النواحي والديار ولَحِقَ أكثرُهم في تكتلات العشائر في أحلاف العرب وحرَّضُوا العربَ والتوابعَ الآخرين على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية ومنهم من أخذ المشيخةَ والأمارةَ في القبائل العربية داخل وخارج جزيرة العرب ومنهم من اشتركَتْ ذراريهم في التمرُّد والقيام الثالث الأخير على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة وصارُوا يُطلقونَ الأوصاف بقصد التَّنَقُّص والذم على متبوعيهم بباعث البُغض بما فيها مُعَايرَتِهم بالعمل في الصناعات اليدوية بَعْدَ إكراههم لذراري متبوعيهم عليها ومنهم التابع القديم (ج) تابع صناعة وذراريه لَحِقَ أكثرُهُم في تكتلات العشائر في حلف واسم ونسب القبائل العربية ومن ذراريه التابع الأخير (ح) الموجود في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري والذي اشتركَ في التمرُّد والقيام الثالث الأخير للتوابع على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة وكانَ من رؤس التوابع المُتمردة والمُحرضين لهم بلسانه وأَلَّبَهُم بشعره على الجور وخلع الطاعة وسل السيوف في وجه متبوعيهم ومنهم التابع الكجري (ب) من كجر حلب نواحي بلاد الشام تابع صناعة السكاكين وشحذها وذراريه لَحِقَ أكثرُهُم في تكتلات العشائر في حلف واسم ونسب القبائل العربية ومن ذراريه التابع الأخير (...) الموجود في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري والذي اشتركَ في التمرُّد والقيام الثالث الأخير للتوابع على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة وحرَّضَ التوابعَ على الجور والتمرُّد وخلع الطاعة وسل السيوف في وجه متبوعيهم وقتلهم وانتهابهم وذراري هذا التابع الكجري (ب) تابع الحرفة يُورِدُونَ جدَّهم هذا في سلاسلهم المُرَكَّبة بلقبه المأخوذ من اسم الصناعة اليدوية التي كانَ يُمارِسُها ثم يُضِيْفُونَ سلاسلهم المُرَكَّبة هذه في اسم ونسب القبيلة العربية، وتفنُّنِهِم في إطلاق هذه الصفات على البيوت الفردية بقصد الذم  والتنقص باعثه البِغض وكُلُّ هذا انتقاماً مِنْ متبوعيهم الأشراف الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بسبب ازدراء العرب لهم ونظرة العرب لهم ولجدهم التابع هذا نظرةً دُونية لممارسته وممارسة ذراريه هذه الحرفة آنذاك في البوادي والحواضر نواحي جنوب غرب الجزيرة العربية ديار قحطان ونواحي نجد وسط الجزيرة العربية قَبْلَ أََنْ تَتْرُكْ بعضُ ذراريه ومن ينضَافُ إليهم هذه الحرفةَ ويرحلوا لاحقين في تكتلات العشائر مُتخَفِّيْنَ في حلف واسم ونسب القبائل العربية. 

وأَمٍَا المعائب في الوسط العربي تكادُ لا تنتهي عدداً وليس العيب عندهم فقط في العمل في الصناعات اليدوية التي تترفعُ عنها بقيةُ العرب بل يشملُ ذلكَ كافة الأعمال والحرف اليدوية تقريباً وما ليس بعيب عند فئة من العرب يكون عيباً عند فئة أخرى مثل الزراعة وتربية البقر والدجاج فهي ليست عيباً عند أهل القُرَى بينما أهل البوادي كانوا يرونَ ذلك عيباً بينما لا يرون عيباً في الغزو لنهب الإبل والغنم والخيل ومواشي وأبقار أهل القُرَى ويُسَمُّون ذلك كسباً ويرونَ ذلك شجاعةً وخصلة حميدة وهو مِمَّا يُنْكِرُهُ العُرْف السليم والشرع القويم من الخطف والسرقة وبسبب ذلك كثيراً ما حصلتْ خلافات بين ذراري الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وبين حلفائهم من العرب والتوابع في حلف القبيلة العربية لرفضهم تورُّعاً المُشاركة في الغزو واقتسام شيء هذه المنهوبات معهم ويُنْكِرُونََ عليهم السرقةَ ولذلك ألبتْ التوابعُ العربَ عليهم وضايقُوهم العربُ والتوابعُ وتركَتْ الأشرافُ الأخيضرية الحسنية حلفَ القبيلة العربية ورحلَتْ عن ديارها.

وأَمَّا تعصُّب فئة لما تعملُ به وتعاليها وترَفُّعِها عن العمل فيما تعملُ به فئة أخرى هو في حقيقته تعصب لنمط حياة معين (Life style) وبسبب وجود اختلاف في أنماط الحياة بين الناس في المجتمع تَعَّصَّبَتْ فئةُ لنمط حياتها ضد نمط حياة فئة أخرى وضد عمل معين تعملُ به فئةٌ أُخرى وأشار الرحالةُ محمد المقدسي البشاري لبعض هذه العصبيَّات ضد نمط حياة الآخر وضد أعمال الآخرين في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) في القرن الرابع الهجري مثل العصبية بين الجَزَّارين والأعراب في اليمامة. 

وأَمَّا ازدراء واحتقار الأعمال والحرف اليدوية المعيشية التي تعملُ بها فئة دون أُخرى واعتبارها عيباً وبعضهم يَعُدُّها من خوارم المرؤة فليس محصوراً فقط في الصناعات اليدوية كصناعة الآلات المعدنية والأسلحة وصياغة الحلي والآنية بل أوسع من ذلك ومنهم من يحتقرون الأعمال المعيشية الأخرى كالزراعة والنجارة والخراطة وتبييض الأواني والسمكرة وصناعة المناخل وصناعة الأمشاط ونحت الأرحية والأوعية الحجرية وصناعة الآنية الفخارية والحلاقة والحجامة والختانة والعطارة والبقالة والبيع في الدكاكين وبيع الطعام والخضار والخِوَاصَة والخياطة وغسيل الملابس والسقاية والطبخ والجزارة وأعمال المضافات وطبخ القهوة وتقديمها والجبَانة والخرازة وفتل الأرشية والحبال والغزل والحياكة والرَّوَافَة والبيطرة وسياسة الخيل والحمير والبغال والبقر وتحذية الخيل والبغال والفحامة والتعدين والنظافة وكنس الرماد ونقل السماد والغناء والنفخ في المزامير ونقر الطبول والصيد في البحر والنهر وتعليم الأولاد في الكتاتيب ... الخ، ومن ماله الإبل في البادية يرى في الإبل خيراً وأرفعُ قدراً مِمَّنْ ماله الغنم والمعز والبدوي يرى في الرعي والبادية والفروسية حياة قوة وظهور ويرى في الفلاحة والأعمال المعيشية والإقامة في القُرَى حياةَ ضعف وانكسار والفَلَّاحُ في القُرَى يرى زراعة الأرض خيراً وأرفعُ مَقاماً من الأعمال والحرف المعيشية الأخرى والنجَّار يرى النجارة خيراً وأرفعُ قدراً من الحدادة والأخ في البيت الواحد يرى نفسَه خيراً وأفضلُ من أخيه. 

وأمَّا قوله (وطوراً يُسَمُّوْنَهم صفافيراً)؛ فإطلاق هؤلاء المتعصبون و الباغضون صفةَ الصناعة اليدوية (صَفَافِيْر) على البيوت الفردية هو تعميم منهم بباعث التعالي والبُغْض، وصفة الحرفة (صفافير) على وزن فعاعيل جمع صَفَّار على وزن فعَّال وهو اسمُ من يَعْمَلُ في صناعة الأواني من النحاس الأصفر ويُسَمُّونه الصُّفْر وهي صناعة يدوية يترفعُ عنها بقيةُ العرب كسائر الحرف والأعمال اليدوية المعيشية وهي ممَّا قَلَّدَها التوابعُ المُتمردةُ الجائرة بالإكراه لذراري متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بعد قتلهم لشيوخ وأمراء بيوت متبوعيهم وانتهابهم وتعذيبهم وتَغَلُّبِهِم عليهم في الجور والطغيان الثالث الأخير وأَمَّا إجبار هذه التوابع البيض المُتمردة الطاغية لذراري متبوعيهم على هذه الحرفة تحديداً بعد قتلهم لآبائهم وتَيَتُّمِهِم وعجزهم عن الرحيل والتَّخَفِّي هو استهدافاً منهم لكسر نفوسهم ومُعايرتهم بها ولتضييع أنسابهم وطمس آثارهم ومحو ذكرهم ولتسري هذه الحرفةُ في أجيالهم اللاحقة وتأتي أجيالٌ جاهلةٌ بحقائق الأمور ليَقْضُوا عليهم ولا تقومُ لهم قائمةٌ بعد أعمال آبائهم وأجدادهم في التجارة والمَضافات والفروسية والمشيخة والأمارة في بوادي العرب. 

وأَمَّا أفرادُ البيوت الفردية منهم من عمل في هذه الحرفة اليدوية إِمَّا مضطراً للمعيشة بعد إنكسار أو مُكرهاً عليها من مُتَغَلِّب جائر ولكنهم لم يعملوا جميعُهم في هذه الحرفة لتُعَمَّم عليهم هذه الطائفةُ المُتعصبة هذه الصفةَ (صفافير) وهو تعميم منهم بباعث الاستنقاص والبُغض خصوصاً ممَّنْ يتوارثُ هذا البغضَ والفِعْلَ المُسيءَ من أسلافه التوابع المُتمردة الباغضة خالعة الطاعة لمتبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة.

وأَمَّا قول ابنُ خميس: (ويتلَطَّفُ البعضُ فَيُسَمِّيْهم خط ١١٠ مئة وعشرة.)؛ فإطلاق هذه الطائفة المُتعصبة والباغضة اسم وحدة قياس قوة الكهرباء (خط ١١٠ مئة وعشرة) على البيوت الفردية التي تركَتْ أحلافَ العرب هو آخر ما تفتقتْ عنه عقولُ ونطقتْهُ ألسنةُ هؤلاء المُتَعَصِّبينَ والباغضين بباعث التعالي والاستنقاص عامة وبباعث البُغض خاصةً من قَبَلِ ذراري التوابع المُتمرِّدة الباغضة بعد معرفتهم بالكهرباء بعد دخولها إلى نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في وقت مُتأخِّر وما يُسَمِّيْه ابنُ خميس بتلطُّف من بعض هذه الطائفة المُتَعَصِّبَة أو غيرهم في إطلاقهم لهذه الصفة الحديثة (خط ١١٠ مئة وعشرة) على البيوت الفردية فهو ليس بتلطُّف بل هو استمرار وعصرنة لأوصاف التعالي والذَّم وتوارثٌ للبغض عن أسلافهم التوابع المتمردة الباغضة على وجه التحديد بعد تمرُّدِهم في القيام الثالث الأخير وهذا التَّلَطُّف المزعوم ظاهِرُهُ التلطُّف وباطنه التنقُّص واعتبارُ البيوت الفردية في النظام الفردي أقلُ درجةً ومَقاماً من البيوت اللاحقة في تكتل عشائري في النظام القبلي لعدم وجود البيوت الفردية في تكتلات عشائرية وفي المُقابل يُطلقونَ صفةَ وحدة قياس قوة الكهرباء (خط ٢٢٠ مئتين وعشرين) على البيوت اللاحقة في أحلاف عشائرية في النظام القبلي أرادُوها بدائلَ عصرية عن وصفهم للفرد المُنتمي لبيتٍ فردي في النظام الفردي بصفة (خَضِيْرِي) وعن وصفهم للفرد المُنتمي لبيت لاحق في حلف قبيلة عربية في النظام القبلي بصفة (قَبِيْلِي) على وزن فَعِيْلِي وهي صفة تُطْلِقُهَا العَوَّامُ على الشخص المُنتمي لبيت مُتواجد في تكتل عشائري في أحلاف قبيلة عربية بغض النظر عن عرقه ونسبه الأصلي وهي صفة مأخوذة من لفظ القبيلة بإضافة ياء النِّسْبَة إليها وكأنَّهُم بهذه الصفات العصرية خط ١١٠ وخط ٢٢٠ يُصَنِّفُونَ ويُشبِّهُوْنَ الخطوطَ النَّسَبِيَّة بخطوط الكهرباء جهلاً منهم أو تجاهلاً لتنَوِّع الأعراق والأنساب في النظام الفردي والنظام القبلي كذلك وكما توجدُ بيوتٌ فردية من عرق العرب وبيوتٌ فردية من عرق غير العرب توجدُ كذلك بيوتٌ من عرق العرب وبيوتٌ من عرق غير العرب لَحِقَتْ وما تزالُ لاحقة في تكتلات عشائرية في أحلاف وأسماء وأنساب القبائل العربية وتوجدُ بيوتُ أشراف هاشمية أصلية في النظام الفردي تركَتْ أحلافَ العرب وتوجدُ بيوتُ أشراف هاشمية أصلية لَحِقَتْ وما تزالُ لاحقة في تكتلات عشائرية في أحلاف وأسماء وأنساب قبائل عربية وتوجدُ بيوتٌ من ذراري توابع في النظام الفردي وتُوْجَدُ بيوتٌ من ذراري توابع لَحِقَتْ وما تزالُ لاحقة في تكتلات عشائرية في أحلاف وأسماء وأنساب قبائل عربية. 

وأَمَّا قوله: (لا نُرِيْدُ أَنْ نُناقشَ هذا الموضوع، لا نُرِيْدُ أَنْ نقولَ لماذا؟ وكيف؟ وحتَّى متى؟ فالزمن كفيلٌ بمعالجته طال أو قَصُر.)؛ فابن خميس أتبعَ هذا القولَ بموعظة بليغة حذَّر فيها هذه الطائفة المُتعصبة من التَّعَصُّب، وهو في الحقيقة ناقشَ هذا الموضوعَ وهو ظاهرة التعصُّب وهذه الطائفة المُتعصبة نقاشاً مُختصراً ولكنه راهنَ في تلاشي وزوال ظاهرة تَعَصُّب هذه الطائفة ضد البيوت الفردية على الزمن مع تطور العلم وانتشار الوعي في المجتمع وهذا مؤكد بعد انتشار التعليم على نطاق واسع وتطور علم الجينات (Genelogy) وظهور تحليل الحمض النووي (DNA) الذي نفض الغبارَ عن كثير من أنساب الحلف والإضافة والتراكيب في تكتلات العشائر في أحلاف القبائل العربية وبَيَّنَ الأحلافَ والإضافاتِ والتراكيبَ في أنساب الأشراف الهاشمية القرشية بل أثبتَ ما أثبته النسابون الأصوليون جيلاً بعد جيل من وجود نسب صلب عرقي ونسب إضافة غير عرقي وأثبتَ هذا العلمُ تطوُّرَ جميع السلالات العرقية البشرية من بعضها البعض وأَكَّدَ رجوعَها إلى السلالة العرقية الأم الأصلية الزنجية الأفريقية التي انتشرَتْ منها جميع ذراري البشرية ومنهم البعيد والقريب في السلسلة الجينية، وهناك مشروع جيني أقيم قبل بضعة سنوات وأُُخِذَتْ فيه حوالي ٥٠٠ عينة من بيوت عديدة مُختلفة وخرَجَتْ نتائجُ التحليل لهم على ١٣ ثلاثة عشر سلالة عرقية (Haplogroup) أي أنَّ منها سلالة واحدة فقط هي السلالة العربية من عرق العرب بما فيهم ذراري اليهود الأصلية وذراري النبي إبراهيم عليه السلام وذراري الأشراف الهاشمية الأصلية وذراري العرب القديمة الأولى بينما السلالات الباقية (١٢) وعددها اثنا عشر سلالة عرقية هي سلالات غير عربية من أعراق غير العرب وهذه النتائج أظهرَتْ وجودَ التراكيب من أعراق مختلفة مُركبة في بعضها البعض مُضافة في اسم ونسب قبيلة عربية وهذه النتائج بمثابة تصحيح علمي لمفاهيم العوام المغلوطة حول النسب والانتساب وعدم إدراكهم للفرق بين نسب الصلب ونسب التركيب وسيؤدي انهيارُ هذه المفاهيم المغلوطة علمياً والتي يبني عليها هؤلاء المُتَعَصِّبُونَ والباغضون تعصُّبَهُم إلى تصحيح اجتماعي في المستقبل. 

وأَمَّا قوله: (ولا نُرِيْدُ أَنْ نَقِفَ مُظْهِرِيْنَ أو مُتظاهرين لما يتميَّزُ به الخَضِيْرِيَّة من واقع هو المثل الأعلى في خصال الخير والشهامة والنُّبْل والجود ومكارم الأخلاق والشجاعة.)؛ ابن خميس استعملَ هنا صفةَ (الخَضِيْرِيَّة) في هذا الموضع كما استعملَ  صفةَ (بني خَضِيْر) في مواضع من كتابه الآخر (معجم اليمامة) لوصف البيوت الفردية التي تركتْ أحلافَ العرب في النظام القبلي وخرَجَتْ إلى النظام الفردي وهو استعمال بقصد الوصف المُجرد من المدح والقدح وليس بقصد التعالي والذم والتَّنَقُّص والبُغض كما عليه الحال عند هذه الطائفة المُتَعَصِّبَة وخصوصاً ذراري التوابع المُتمَرِّدة الباغضة على متبوعيها الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في القيام والجور الثالث الأخير. 

وأَمَّا اختلاف أخلاق وتعامل الناس أمر موجود ومُشَاهَد في الواقع المُعَاش، وأفراد البيوت الفردية منهم صاحب السيرة الحسنة والتعامل الحسن ومنهم صاحب السيرة السيئة والتعامل السيء وهو نفس الحال عند أفراد البيوت اللاحقة في تكتلات عشائرية في أحلاف العرب، ونحن نرى الأخوة في البيت الواحد يتفاوتون في أخلاقهم وتعاملهم ومنهم صاحب الخُلُق والتعامل الحسن ومنهم صاحب الخُلُق والتعامل السيء، والأخلاق الحسنة والتعامل الحسن والأخلاق السيئة والتعامل السيء ليس محصوراً في البيوت الفردية أو في البيوت الموجودة في النظام القبلي أو في عرق العرب بل هي موجودة في جميع الأعراق البشرية المختلفة. 

وأَمَّا قوله: (لقد فكَّرْتُ في حصر هؤلاء الذين لا يَرْجِعُوْنَ إلى نسبٌ معروف فوجدتُهم في مجتمعنا كثيرين جداً واكتفيتُ بالإشارة إليهم بهذا التعريف الخفيف)؛ هذه إشارة من ابن خميس عن فكرة تولَّدَتْ في ذهنه لحصر البيوت الفردية التي وَصَفَهُم بعبارة (لا يرجِعُوْنَ إلى نسب معروف) ولكنه لَمْ يُنَفِّذْ هذه الفكرة لكثرة أعداد البيوت الفردية، ويُلاحَظُ أَنَّ ابن خميس لم يُوَفَّقْ في التعبير إذ من المُمْكنِ أَنْ يَأْخُذَ تفسيرُ عبارته منحىً آخر ويساءُ الفهمُ من القاريء والعَوَّام فضلاً عن هذه الطائفة المُتَعَصِّبَة وخاصةً ذراري التوابع المُتمردة الباغضة وخصوصاً مع عدم تحديده لنوع هذا النسب المقصود وهو في حقيقته نَسَبُ الحلف والإضافة في تكتل عشائري مُركَّب في اسم ونسب قبيلة عربية وربما تُفْهَم عبارته هذه مثلاً بمعنى ذراري (لُقَطاء جمع لقيط أي طفل رضيع مجهول الأبوين طُرِحَ خشيةَ الفقر أو خوفاً من تُهمة الزنا)، وكان الأَوْلَى به أَنْ يُحَدِّدَ نوعَ هذا النسب ويقولَ مثلاً: (غير معروفي نسب الحلف في قبيلة عربية) أو (لا يَرْجِعُوْنَ إلى نسب حلف في قبيلة عربية) أو (ليس لهم حِلْفٌ في قبيلة عربية) ونحوه ليكون التعبيرُ أكثر دقةً وصواباً، ويُلتَمَسُ العُذْرُ لابن خميس لأَنَّ النسابين درجات والنسب عنده هو نسب واحد وشيء واحد ولا يُدْرِكُُ الفرقَ بين نسب الصُّلْب ونسب التركيب مثل قرينه حمد الجاسر كما ذكرتُ ذلك سابقاً، وابن خميس والجاسر يَفْهمان النَّسَبَ كفهم العَوَام له وهو التواجد في حلف قبيلة عربية أو مجرد الانتساب الاسمي وإضافة البيت إلى اسم ونسب قبيلة عربية بدون حلف وما يستلزمه الحِلْفُ من غُنْم وغُرْم ونُصرة ونحوه وأحياناً تكون هذا القبيلة مُندثرة لم يَعُدْ لها كيانٌ قائم ولا مشيخات عشائرية ولا أفخاذ ولا فروع ولا بادية ولا حِلْف يجمعُ البيوتَ في تكتلات عشائرية في اسم ونسب قبيلة عربية، وابن خميس سَبَقَ وأوردَ وصفاً مُشابهاً عند حديثه عن الراحل إلى نواحي نجد وسط الجزيرة العربية الذي سَمَّاه (الوافد) وتحدَّثَ عن امتزاج هذا الوافد بمن سَمَّاهم (بغير معروفي النسب) وهو هنا في الوصف الثاني (لا يرجِعُوْنَ إلى نسب معروف) حددَّهم بالبيوت الفردية التي تركتّ أحلاف العرب ولَحِقَتْ بالنظام الفردي والذين أُُطْلِقَ عليهم وصفُ (الخَضِيْرِيَّة) وليس لهم تواجد في حلف قبلي، وسواءً أكانَ النسبُ عند ابن خميس شيئاً واحداً أو أكثر من نوع واحد فهو تعميم منه لهذا الوصفين (غير معروفي النسب، لا يرجِعُوْنَ إلى نسب معروف) وعدم المعرفة بنسب الغير هي عدم علم وعدم العلم هو جهل والجهل بالنَّسَبَيْن: (نسب الصُّلْب ونسب الإضافة) يزول بالوصول إلى المعرفة من خلال البحث العلمي عنها في مَظَانها في المصادر المخطوطة القديمة وفيما أثبته النسابون الأصوليون إلحاقاً للأطراف بالأصول وتناقلوه جيلاً بعد جيل وفيما حفظوه من أكثر الأنساب القديمة، والمعرفة لا تُقَدَّمُ على طبق من ذهب بل يتطلَّبُ الوصولُ إليها جُهْداً ووقتاً والوقت هو جزء من العُمُر الثمين للباحث، وبيوت الناس تُعْرَفُ بأسماء وألقاب الجد الأقرب في سلاسلهم، والغالب في بيوت الناس في النظام الفردي وفي النظام القبلي أَنَّهم يَجْهَلُونَ سلاسلَ نسبهم من الجد الأقرب الذي تُعُرَفُ به بيوتهم إلى الجد الأعلى الذي تُسَمَّى وتُعرفُ به القبيلة وإذا عَرَفُوا السلسلةَ تكون غالباً هي سلسلة نسب إضافة وتركيب في حلف القبيلة العربية وليست سلسلة نسب صُلْب وعرق، والبيوت التي لا تزالُ موجودة في تكتلات العشائر في أحلاف العرب تَعْرِفُ نَسَبَ حلفها وتُضيفُ نَسَبَها في اسم ونسب القبيلة العربية اللاحقة فيها بينما نظراً لعدم تواجد البيوت الفردية في أحلاف العرب بعد تَرْكِ أسلافها لحلفها الأخير في القبائل العربية فإنَّ ذراري هذه البيوت تكتفي بنسبة بيوتها إلى اسم ولقب جدودها القريبة في سلاسلهم بدون زيادة على ذلك بإضافة وتركيب بيوتها في نسب حلف واسم القبائل العربية كالذي عليه الحال عند البيوت اللاحقة في أحلاف العرب، والكُلُّ في النظام الفردي والنظام القبلي يُعْرَفُونَ بالعد والتسلسل وبأسمائهم وألقابهم وإضافاتهم، ويوجدُ من البيوت الفردية من تَعْرِفُ نسبَ صُلْبِها وسلسلتها الأبوية إلى الجد الأعلى في قبيلتهم الأم الأصلية وتَعْرِفُ كذلك أنسابَ حلف أسلافها في العرب عبر الأجيال.

وأمَّا توابع الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية لَحِقَ كثيرٌ منهم في نسب عبيدالله الأعرج في إضافات وتراكيب آل حسين الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.

وما دام البُغض مُتَوارثاً في أجيال التوابع المتمردة وما دامَتْ فكرةُ الغالب والمغلوب حاضرةً في العقول سيظلُ إطلاق الصفات المُسيئة ضد البيوت الفردية بقصد الذم والاستنقاص مُستمراً فترةً من الزمن إلى أنْ يختفي بعد ذلك.

وتوابع الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية من الأعراق الأفريقية مثل: الزنج والحبش والنوبة أفضل مُعاشرةً وأحسن صحبةً من التوابع البيض الذين هُم أكثرُ دهاءً ومكراً ونكبوا متبوعيهم عدة مرات عبر تاريخ متبوعيهم الطويل ولذلك التوابع البيض أشدُ أذيَّةً من الأموية والعباسية والقرمطية على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية خاصة والأشراف الهاشمية الأصلية عامة من أيام متبوعيهم في نواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية من القرن الأول الهجري وأذاهم مُستمر حتى يومنا الحاضر.

وهذا في سياق تاريخي بحت ونحمدُ اللهَ الذي أنعم على البشرية بتطور أفكارها وظهرتْ ثقافةُ حقوق الإنسان واحترام كرامة وآدمية البشر تأكيداً للأصل البشري الواحد وصارَ العملُ محل احترام وتقدير. 

وإلى مُفردة أخرى عن اشتقاق صفة (خَضِيْر) في لغة العرب.

(أُعِدَّتْ مُلخصةً من المصادر المخطوطة القديمة وبالله التوفيق).
مصدر الصورة:
كتاب (تاريخ اليمامة، عبدالله بن محمد ابن خَمِيْس، ط١، ١٤٠٧ هجرية، ١٩٨٧ ميلادية، مطابع الفرزدق، الرياض، السعودية، الجزء الرابع، ٨٦ و ٨٧).










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق