الاثنين، 30 أغسطس 2021

الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية عند ابن خميس في كتابه (تاريخ اليمامة).


هذه المفردة التاريخية تَتَحَدَّثُ عن (بنو الأخيضر في اليمامة) أيام دولتهم الدولة الأخيضرية (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية عند عبدالله بن محمد ابن خَمِيْس في كتابه (تاريخ اليمامة، ط١، ١٤٠٧ هجرية، ١٩٨٧ ميلادية، مطابع الفرزدق، الرياض، السعودية، الجزء ...، ٢٥٠-٢٥٦) وابن خَمِيْس هو مؤرخ وجغرافي ورحَّالة وقاص ومُفَكِّر وأديب وشاعر وناقد سعودي مُعاصر وُلِدَ في عام ١٣٣٩ هجرية وتُوُفَّيَ في عام ١٤٣٢ هجرية وتركَ عدةَ مؤلفات في مواضيع مُختلفة.

وأَمَّا ابن خَمِيْس فهو مُتأخِّر ومن رجال القرنين الرابع عشر والخامس عشر الهجريين ومولدُهُ كانَ في عام ١٣٣٩ هجرية أي بعد مرور أكثر من قرن هجري على أحداث النكبة الكبرى الثالثة الأخيرة وجور وقيام التوابع المُتمردة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وبدأتْ أحداث تلك الفتن في سنة ١١٥٧ هجرية بتمرد الرعيان توابع الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية شيخ شمل العرب نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وانتهتْ في سنة ١٢٠٠ هجرية بقتل التوابع غدراً وتدبيراً لمتبوعهم الشيخ الأمير الشريف حمد بن محمد آل مضحي القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية شيخ العربان نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي حائل شمال الجزيرة العربية وتوالتْ بعدها بعضُ الأحداث والواقعات نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي حائل شمال الجزيرة العربية وخُتِمَتْ بتغلُّب التوابع المُتمردةعلى متبوعيها الأشراف الهاشمية وانتهابهم لهم وزوال أمارات ومشيخات الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في النواحي والديار وإخفاء متبوعيهم لنسبهم الشريف الأخيضري الحسني الهاشمي خوفاً من أَنْ تَقْتُلَهُم هذه التوابعُ الطاغية المُعْتَبِرَة للنسبة الأخيضرية أمراً يستوجبُ القتلُ وأطلقَتْ هذه التوابعُ المُتمردة الباغضةُ ومن وافَقَهُم من العرب صفةَ (خَضِيْر) على متبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة بقصد ذمِّهم وتنقُّصهم بعد كسرهم لهم وتغلُّبِهم عليهم وخروج متبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة من أحلاف قبائل العرب إلى بيوت فردية في الحواضر وإجبارهم لهم على حرفٍ تترفَّعُ عنها بقيةُ العرب لكسر نفوسهم وإضاعة نسبهم وتنفير العرب عنهم وهو الإطلاق الثالث الأخير لهذه الصفة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية بغير قصد وصف الحال بل بقصد تنقُّص وذمِّ ونبز متبوعيهمالأشراف الأخيضرية الهاشمية خصوصاً والأشراف الهاشمية الأصلية خاصة وحلفائهم من العرب عامة لتَفَرُّقِ بيوتهم بين العرب وغير العرب في النواحي والديار داخل وخارج جزيرة العرب ومنهم اللاحق في حلف واسم ونسب قبيلة عربية ومنهم من ترك الأحلاف العربية ولم يحالفْ بعدها أحداً من العرب ولانقطاعهم من حلف قبيلتهم الأم العربية الأصلية (قريْش) وعدم تكوُّن قبيلةٍ واحدة لذراري الأشراف الهاشمية الأصلية تَجْمَعُهُم في حلف واحد وفي ديار واحدة بعد مرور القرون الطويلة - باسم جدهم الأعلى (هاشم) مثلاً - واستمرَّتْ ذراري هذه التوابع الكثيرة المُتمردة ومن وافقهم من العرب في إطلاق هذه الصفة جيلاً بعد جيل حتى يومنا الحاضر بقصد التنقص والذم توارثاً وتناقُلاً للبُغض والتنقُّص من أسلافهم المتمردة الباغضة دون علم أو معرفة بمعناها الأصلي عند العرب قديماً. 

وابن خميس أوردَ نصاً تحَدَّثَ فيه عن مذهب الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وقَدَّم فيه رأيَهُ عنهم أَيام حكمهم لليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وأتبَعهُ بنقولات من مصادر أربعة رَجَعَ إليها وهذه المصادر هي:

١-تاريخ ابن خلدون، ص ٢٠٩-٢١١.
٢-النجديَّات، ج١، ص ١٩.
٣-النفوذ الفاطمي في جزيرة العرب، ص ٥٠.
٤-صبح الأعشى، ص ٦٠.

ولم يَذْكُرْ ابنُ خميس اسمَ دار النشر وسنةَ النشر ورقمَ الطبعة ليَسْهُلَ على المُهتم تحديدُ المصدر إذا أراد الرجوع إليه. 

وبعد قراءة النص التعريفي بالكامل يُلاحَظُ فيه التشنيعُ على الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية، ويُمكنُ تقسيمُ هذا النص إلى قسمين: قسم مذهبي وقسم تاريخي، ونأتي الآن على ذكر هاذين القسمين كُلاً على حده ونناقشُ ونُحَلِّلُ بعضَ ما ذكره كما يلي (انظر صورة صفحات الكتاب):

أ-قسم المَذْهَب
(بنو الأخيضر علويُّون وهم إحدى الفرق التي خرجتْ في اليمامة ولها صلة عقائدية بزيدية اليمن وكلُّهم ينضَمُّوْنَ إلى الدعوة الإسماعيلية وقد عُرِفَتْ الإسماعيلية بنسبتها إلى إسماعيل بن جعفر الصادق وكانَ أتباعُه يُعرفونَ بالإسماعيلية وهم فرقةٌ من الشيعة تَعْتَقِدُ أَنَّ الإمامةَ انتقلَتْ بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي رضي الله عنه ثُمَّ إلى ابنه الحسن ثم إلى أخيه الحسين ثم انتَقَلَتْ في بني الحسين إلى جعفر الصادق ويَدَّعُونَ أَنَّ الإمامةَ انتَقَلَتْ من جعفر الصادق إلى ابنه إسماعيل ثُمَّ انتقلَتْ في بنيه). 

وأَمَّا قولهُ (بنو الأخيضر علويُّون)، فبنو الأُخَيْضِر تصغير الأخضر وهو لقبٌ مأخوذٌ من الخُضْرَةُ وهو سُمْرَة لون الجلد وهو إحدى درجات السُّمرة والسَّواد فوق سُمْرَة العرب ودون سواد الزنج وهي نسبة الجمع إلى جَدَّهم الشيخ الأمير يوسف المُلَقَّب الأخيضر الأول، وهم علويون نِسْبَةً إلى جدِّهم الإمام أمير المؤمنين الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهم بنو يوسف المُلَقَّب الأخيضر الأول بن إبراهيم بن عبدالله المحض بن الحسن المُثنَّى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب المطلبية الهاشمية القرشية العربية. 

وأَمَّا قولهُ (وهم إحدى الفرق التي خَرَجَتْ في اليمامة)؛ فالأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية ليسوا فرقة مذهبية ولم يُأَسسوا آنذاك مدرسةً مذهبية مستقلة خاصةً بهم تُسَمَّى باسمهم وكانَ أَوَّلُ ظهورهم كفرقة سياسية ثائرة ثارَتْ على ولاة العباسية بالحجاز نواحي غرب الجزيرة برئاسة الشيخ الأمير الشريف إسماعيل بن يوسف الأخيضر الأول الحسنية الهاشمية بعد جور عُمَّال العباسية واستيلائهم على أوقاف لهم وسانَدَتْه عربُ هوازن وسُلَيْم في ثورته ونجحَ الشريفُ إسماعيلُ في ثورته على جور عُمَّال العباسية لنقمة العرب على العباسية لإقصائهم العرب وتقريبهم غير العرب وكانَتْ هذه الثورة أَوَّلَ ثورة نجحَتْ في أَخْذِ  الحُكْمِ في نواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية وسبقتها ثوراتٌ عربية وعلوية قضَتْ عليها الأموية والعباسية قبل ذلك وبعد وفاة الشريف إسماعيل مسموماً أَخَذَ أخوه الشريفُ محمدُ المُلقب الأخيضر الأول مكانَه في الحُكْم وبَعَثَتْ له العباسية جيشاً ضخماً بقيادة أحد توابعهم للقضاء عليه ولمَّا أدركَ الشريفُ محمد الأخيضر الأول وحلفاؤه من العرب عدم مقدرتهم لصد هذا الجيش العباسي نزل مُبتعداً عنه إلى منطقة اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وأخذَ الخضرمةَ واتَّخذها عاصمةً للدولة الأخيضرية في نحو عام  ٢٥٢ هجرية وأسَّسَ الدولةَ الأخيضرية باليمامة بمساعدة أخواله وحلفائه وأصهاره عربُ هوازن وسُلَيْم وهم من سكان منطقة اليمامة.

ولذلك كانَ الأنسبُ لو قال ابنُ خميس عن الأشراف الأخيضرية: (حَكَمَتْ اليمامة) أو (مَلَكَتْ اليمامة) بدلاً من لفظ الخروج في قوله: (خَرَجَتْ في اليمامة) إذ أَنَّ الأشرافَ الأخيضرية الحسنية الهاشمية ليسوا بفرقة خوارج تكفيرية وإنَّما التعبير بالخروج يُستَعْمَلُ عادةً عند ذكر الخوارج التكفيرية كفرقة النجدات التي خَرَجَتْ في اليمامة أتباع نجدة الحنفي. 

وأَمَّا قولُهُ (ولها صلة عقائدية بزيدية اليمن)؛ فالأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية والأشراف الرسية الحسنية الهاشمية بينهم صلة مذهبية ونسَبِيَّة وهم من أتباع المدرسة الزيدية وهي إحدى المدارس الُمنتمية لمدرسة محبة ومولاة ومُشايعة آل البيت النبوي وهي مدرسة وطريقة الشيخ الأمير الإمام الشريف زيد بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك الأشراف الأخيضرية والأشراف الرسية يلتَقُونَ في نفس النسب الحسني العلوي الهاشمي وسلفُهُم ظهروا من نواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية وأسسوا الدولةَ الأخيضرية باليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في نحو عام ٢٥٢ هجرية وأسسوا الدولةَ الرسية شمال اليمن نواحي جنوب غرب الجزيرة العربية في عام ٢٨٤ هجرية وبذلك يكون الأشرافُ الأخيضرية سبقوهم بأكثر من ثلاثة عقود هجرية في تأسيس دولتهم الدولة الأخيضرية باليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية. 

وأَمَّا قولُهُ (وكلُّهم يَنْضَمُّوْنَ إلى الدعوة الإسماعيلية)؛ وكلامه هذا مُجانب للصواب والمدرسة الزيدية التي يتمذهَبُ بها الأشرافُ الأخيضرية والأشرافُ الرسية هي مدرسة قائمة بذاتها ومُستقلة عن المدرسة الإسماعيلية ولا توجدُ علاقةٌ بين المدرسة الزيدية والمدرسة الإسماعيلية سوى في انتمائهما إلى مدرسة محبة ومولاة ومُشايعة آل البيوت النبوي والاعتقاد أنَّ الإمامةَ انتقلَتْ إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنص والوصية وتوجدُ بين المدرستين المدرسة الزيدية والمدرسة الإسماعيلية خلافاتٌ فكرية، والمدرسية الزيدية والمدرسة الإسماعيلية تشعَّبَتْ إلى فرق بعد ذلك، وقولُ ابن خميس أنَّ أتباعَ المدرسة الزيدية سواءً في اليمامة واليمن يَنْضَمُّونَ إلى الدعوة الإسماعيلية التي صارَتْ إلى العُبَيْدِيَّة الذين أخذُوا الحُكْمَ في شمال أفريقية ثُمَّ ديار مصر فهو انضمام مزعوم وبالرجوع إلى المصادر التي نقلَ عنها ابنُ خميس وهي كتاب صبح الأعشى للقلقشندي وكتاب النفوذ الفاطمي في جزيرة العرب لم أَجِدْ لهذا الانضمام المزعوم ذكراً وإذا كانَ استنتاجاً فهو مُجانب للصواب إِلَّا إذا قصد ابنُ خميس اشتراكهم في في مدرسة التَّشَيُّع ومَحبَّة آل البيت النبوي مع الأخذ في عين الاعتبار الإختلافات بين المدرستين الإسماعيلية والزيدية وأَمَّا هؤلاء العُبَيْدِيَّة الإسماعيلية أرسلُوا دعاتَهم إلى جزيرة العرب بعد أَخْذِهِم حُكْم شمال أفريقية، وصاحب كتاب النفوذ الفاطمي نقلَ عن كتاب (اتعاظ الحنفاء) خبرَ إرسال العبيدية الإسماعيلية داعيَتَهم إلى نواحي اليمن والذي بدوره أرسلَ دُعَاتَهُ سنة ٢٧٠ هجرية في نواحي الجزيرة العربية ومنها منطقة اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وهؤلاء الدعاة يُرْسَلُونَ في العادة إلى قبائلَ العربَ لدعوتهم إلى الرضا من آل محمد، وأولئك العبيدية الإسماعيلية في شمال أفريقية ومصر بينهم وبين الأشراف الأخيضرية خلافات واختلافات مذهبية ونسبية وحدثَتْ بين الأشراف الأخيضرية وحلفائهم من العرب وبين تابعهم البربري شكر الله الآخذ لحكم مكة المكرمة حروبٌ وواقعاتٌ بعد تمرُّده والتحاقه في تبعية العبيدية وهاجم شكر العربَ المُتحالفةَ مع الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية، والأشراف الأخيضرية خاصة والأشراف عامة كانوا مُدركينَ لاختلاف النَّسب بينهم وبين العُبَيْدِيَّة، وكانوا يَعْلَمُوْنَ ادِّعاءَ (عبيدالله) في نسب متبوعيه الأشراف الهاشمية وأنَّهُ مُضافٌ في نسب متبوعيه الأشراف الهاشمية ولايوجدُ فيهم شريف هاشمي أصلي بهذا الاسم والعد والتسلسل آنذاك. 

ومن المُستغرب أَنَّ ابنَ خميس لم يُشِرْ كذلك بشكل صريح إلى أَنَّ المدرسة الزيدية هي مذهب الأشراف الأخيضرية واكتفى بعبارة (ولها صلة عقائدية بزيدية اليمن) مع أَنَّ ابن خميس نقلَ عن كتاب (النَّجديَّات: ج١) وهو من مَرَاجِعِه ومؤلفُهُ (محمد نصر) صَرَّح بأنَّ مذهَبَ الأشراف الأخيضرية هو المذهب الزيدي واتَّهَمَهُم بنشره استنتاجاً منه وليس نقلاً عن غيره وقال مُتهماً إياهم بنشر المذهب: (وقد نشر الأخيضريون مذهب الزيدية في نجد)٠ 

ويُستغربُ كذلك أَنَّ ابنَ خميس لم يُشِرْ إلى كلام ابن خلدون في كتاب (العبر) عن المذهب الزيدي الذي هو مذهب الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية بينما ينقُلُ ما يُقال عن مذهب الإسماعيلية وأتباعه الذين لا علاقة للأشراف الأخيضرية بأتباعه ودُعاته في أيام الدولة الأخيضرية (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) بعد ما انتهتْ الدعوة الإسماعيلية إلى العبيدية، وكتاب العِبَر لابن خلدون هو أحد المصادر التي رجع إليها وابن خلدون في عِبَرِهِ تَحَدَّثَ عن مذهب (الزيدية) في سياق كلامه عن (أخبار الُّدوَلةِ العلويَّة المُزاحمة لدولةِ بني العبَّاس) وقال:  

(... ومنهم الزيدية القائلون بإمامة بني فاطمة لفضل علي وبنيه على سائر الصحابة، وعلى شروطٍ يشترطونها، وإمامة الشيخين عندهم صحيحة وإن كانَ علي أفضل، وهذا مذهب زيد وأتباعه، وهم جمهور الشيعة وأبعدُهُم عن الانحراف والغلو).
انتهى النصُ.

وابن خلدون هنا وصفَ الزيدية بأنَّهم (جمهور الشيعة وأَبْعَدَهُم عن الانحراف والغلو). 

ومعلومٌ أَنَّه يُوجَدُ في كُلِّ مَذْهَبٍ وملَّة مُتَسَامحون ومُعتدلون وغُلاة وصادقون ومُستقيمون وانتهازيون ومُنحرفون، وأتباع المدرسة الواحدة يأخُذُهُم التفكيُر والكَلَامُ والتَّمَذْهُب بعيداً إلى طرق ومسَالِك فرعية ويتفرَّقونَ إلى مدراس ومذاهب فرعية عن المذهب والمدرسة الأم الأصلية. 

ويُلاحظُ كذلك أَنَّ ابنُ خميس بعد تعريفه (بنو الأخيضر في اليمامة) من وجهة نظره في كتابه هذا (تاريخ اليمامة) نقلَ نصين من كتاب صبح الأعشى للقَلْقَشَنْدِيّ (٧٥٦-٨٢١ هجرية) وهما من موضعين مختلفين من جزئين مُختلفين من الكتاب وهاذان النَصَّيْن هما للتعريف بما يلي:

١-طائفة الفُداوية. 
٢-دولة الأشراف بني الأخيضر. 

وأَمَّا اِتْبَاع ابن خميس للنص الثاني بالأول دون فصل بينهما أو إشارة إلى أنهما من موضعين مختلفين وعدم إيراده لعنوان النص الأول: (الأمر الثامن: نظره في أمور الفِداوية) يُوْهِمُ القاريءَ أَنَّ المقصود بهذا التعريف هم الأشراف الأخيضرية بينما في الحقيقة أَنَّ المقصودَ بهذا التعريف عند القلقشندي هم طائفة الفِدواية ويُعرفون كذلك بطائفة الحَشَّاشين ولهم تسميات أخرى وهم طائفةٌ انشَقَّتْ عن الإسماعيلية العُبَيْدِيَّة في أواخر القرن الخامس الهجري في أيام حُكْم العبيدية الإسماعيلية لديار مصر (أي انشقاقهم حَدَثَ بعد سقوط الدولة الأخيضرية التي سقَطَتْ في عام ٤٥٠ هجرية) وهؤلاء الحَشَّاشون الفِداوية هم إسماعيلية نزارية دعوا إلى إمامة نزار المُصطفى لدين الله بن المُستنصر بالله العُبَيْدي وبنيه وقَوِيَتْ شوكتُهم ما بين أواخر القرن الخامس إلى القرن السابع الهجري وكانَتْ معاقلهم في القلاع على رؤوس الجبال في بلاد فارس والشام وحَدَثَتْ لهم خلافاتٌ مع العباسية في بغداد والعُبَيْدِية أنفُسُهم في مصر والصَّلِيْبِيَّة أيام أخذهم للقدس ديار فلسطين وغيرهم واغتالوا من يُعاديهم من الحُكَّام والسلاطين وقضى عليهم بعد ذلك هولاكو المغولي في بلاد فارس وقضى عليهم الظاهرُ بيبرس المملوكي في بلاد الشام. 

وإذا كانَ مَقصودُ ابن خميس من نقل هذا النص التعريفي الخاص بطائفة الفُداوية من كتاب صبح الأعشى للقلقشندي بدون نقل عنوان التعريف هو إسقاط هذا التعريف على الأشراف الأخيضرية والمذهب الزيدي وأتباعه فهذا حَدَثَ منه بسبب عدم الإلمام بالفروق بين المذاهب ولو رجع ابنُ خميس إلى كتاب الملل والنحل للشهرستاني (مولود في النصف الثاني من القرن الخامس الهجري) أو تأمَّل فيما قاله ابنُ خلدون عن المذهب الزيدي في كتاب العِبَر لزال اللَّبْسُ لديه وأَدْرَكَ أَنَّ هذا النقل وخَلْطَ الأشراف الأخيضرية بهؤلاء الفِداوية الحشَّاشَة في غير محله وبانَ له أَنَّ الأشرافَ الأخيضرية الحسنية الهاشمية في أيام دولتهم الدولة الأخيضرية (٢٥٠-٤٥، هجرية) لا علاقة لهم بهؤلاء الفِداوية الإسماعيلية النزارية الذين ظهروا في أواخر القرن الخامس الهجري بعد سقوط الدولة الأخيضرية التي سقطتْ في عام ٤٥٠ هجرية.  

ب-قسم التاريخ
(أَمَّا الظروف التي جائَتْ بها إلى اليمامة فهي ضَعّفُ الخلافة العباسية واستغلالُ الصلة العلوية ونسبها الشريف وتَشَبُّثُ الناس بها ورُبٍَمَا يوجدُ أُناسٌ في المنطقة على صلةٍ تربطُهم بهؤلاء العلويين؛ أَضِفْ إلى ذلك ما يَسُودُ اليمامةَ وسائرَ أقطار المنطقة من جهل وأُمِيَّة هيأتْ الفرصةَ لنفوذ هذه الفرقة الشاذة في ديانتها وعَصَبِيَّتِها على المنطقة لذلك فقد قَلَبَتْ الأوضاعَ فيها وغَيَّرَتْ المباديءَ وحَتَّى النُّظُم السياسية والقَبَلِيَّة والعاداتِ والتقاليد قلبَتْها رأساً على عقِب مِمَّا جعلَ مُعْظَمَ سُكانِ هذه المنطقة من القبائل يُهاجرونَ إلى أفريقيا وغيرها من ظُلْمِ هذه الفئة واستبدادها).

وأَمَّا قولُهُ (أَمَّا الظروف التي جائَتْ بها إلى اليمامة فهي ضَعّفُ الخلافة العباسية واستغلالُ الصلة العلوية ونسبها الشريف وتَشَبُّثُ الناس بها)؛ يَقْصِدُ هنا الأشرافَ الأخيضريةَ الحسنية الهاشمية التي سَمّّاهُم سابقاً (فرقةً)، والعباسية في بغداد هُم من هَيَّأَ الظروفَ لرحلة الأشراف الأخيضرية من نواحي الحجاز إلى نواحي اليمامة، وسبب نزول الأشرافُ الأخيضريةُ بقيادة الشيخ الأمير الشريف محمد الأخيضر الأول إلى منطقة اليمامة هو إرسال العباسية لجيش ضخم بقيادة أحد توابعهم إلى الحجاز نواحي غرب الجزيرة العربية للقضاء على أمارة الأشراف الأخيضرية في الحجاز بعد أخذهم حُكْم مكة المكرمة من ولاة العباسية وليس السبب الرئيس في ذلك هو ضُعْفُ الخلافة العباسية كما يقولُ ابنُ خميس أو من نَقَلَ عنهم، ولعدم مقدرة الشريف محمد الأخيضر الأول على مواجهة جيش العباسية الذي يَفُوقُه عُدَّةً وعدداً هربَ من نواحي الحجاز إلى بادية عرب هوازن وسُلَيْم وبعدها ابتعَدَ عن نواحي الحجاز ونزل إلى منطقة اليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وأخَذَ مُلْكَ اليمامة بمساعدة حلفائه عرب هوازن له بدون إرسال دُعاةٌ له وبدون حرب أو سفك دم لاخضاع أهلها أوإجبارهم على قبوله، وأهلُ اليمامة قَبِلُوْهُم لسيماتهم الطيبة ومُعاملتهم الحسنة مع غيرهم ولنقمة العرب على العباسية لإقصائهم العرب. 

وأَمَّا قولُهُ (ورُبٍَمَا يوجدُ أُناسٌ في المنطقة على صلةٍ تربطُهم بهؤلاء العلويين)؛ الأشراف الأخيضرية الحسنية العلوية الهاشمية تربطُهُم صلاتٌ قويةٌ بعرب هوازن وسُلَيْم الذين هُم من سكان منطقة اليمامة ومنتشرون في بواديها وهم حلفاء وأخوال وأصهار الأشراف الأخيضرية وعانوا مِثْلَ عانَتْ الأشرافُ الأخيضرية خاصة والأشراف الهاشمية عامة من إجحاف ولاة العباسية لهم ومن إقصاء العباسية للعرب وتقريب غير العرب. 

وأَمَّا قولُهُ (أَضِفْ إلى ذلك ما يَسُودُ اليمامةَ وسائرَ أقطار المنطقة من جهل وأُمِيَّة هيأتْ الفرصةَ لنفوذ هذه الفرقة الشاذة في ديانتها وعَصَبِيَّتِها على المنطقة)؛ الناسُ لا تحتاجُ إلى تعليم كي تُمَيِّزَ بين صاحب الأخلاق الحسنة والمُعاملة الطيبة وبين صاحب الأخلاق السيئة والمُعاملة السيئة، والمُعامَلة لغةٌ يُعرفُها الجميعُ يَعْرِفُها الجاهلُ منهم والمُتَعَلِّمُ، وأهل اليمامة عرَفوا الأشرافَ الأخيضرية الحسنية الهاشمية آنذاك من خلال ما لمسوه من تعاملهم معهم وأخلاقهم الحسنة، ولذلك دخلَ الأشرافُ الأخيضرية إلى اليمامة وأخذُوا الحُكْمَ فيها بدون رفع سيف أو سفك دم، والعباسية وولاتُهُم هُم من هَيأَ الفرصةَ للأشراف الأخيضرية لتَقْبَلُهُم وتُساعِدَهُم العربُ بعد إقصاء العباسية للعرب وإجحافهم في حق العرب والأشراف الهاشمية وتقريبهم للتوابع من غير العرب، والأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية مُسلمين كغيرهم من أهل الملة وديانتهم الإسلام ومذهبُهم مَذْهبُ الإمام زيد بن بن علي زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهم وهو أحد مذاهب المُسلمين وطريقة من طرق آل البيت النبوي، والأشرافُ الهاشمية يميلون لاتباع الرسول الكريم من أي طريق ولذلك تَعَدَّدَتْ المدارسُ التي انتموا إليها والاختلاف عندهم هو سُنَّة كونية وحكمة إلاهية ويدَعُونَ المخلوقَ للخالق لأنَّ حسابه على الله يوم الحساب، (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩))، سورة هود، القرآن الكريم، ولذلك الأشرافُ الأخيضرية قبل تأسيس الدولة الأخيضرية باليمامة في عام ٢٥٢ هجرية وفي أيام الدولة الأخيضرية وبعد سقوطها في عام ٤٥٠ هجرية كانوا لا يتدخَّلون في أديان ومذاهب غيرهم وعاش بينهم المسلمون وغير المسلمين وأهلُ الكتاب وغيرهم ولم يَفْرِضُوا دينَهم ومذهبَهِم على غيرهم ومن ترك دينه منهم ودخل في الإسلام دخله عن رغبة بدون إكراه أو إحراج، ولذلك كانَ لدخول الأشراف الأخيضرية الحسنية إلى اليمامة أثر إيجابي وانعكاس حضاري مُقارنةً بما فعله الخوارج التكفيرية قَبْلَهُم مثل نجدة الحنفي من أهل اليمامة ومنهم على شاكلته الذين هم أولى بوصف الشذوذ. 

والشذوذ الحقيقي في المذهب والطريقة هو التَّعَصُّب للمذهب والطريقة وإقصاء المُختلف وأسوءُه تكفيرُ المسلمين الآخرين واستباحة الأموال والدماء بحجة كفرهم المزعوم وإطلاق الاتهامات عليهم بسبب اختلافات المَذهب والطريقة والشاذون هُم من يَرَونَ في كُلِّ من لا يَتَّفِقُ معهم في المذهب والطريقة عدواً يُحاربُونَهُ طلباً لأخذ حُكْمٍ أو سلطان، والمُتَعَصِّبُ لا يؤمنُ بالاختلاف والتنوُّع في التفكير بين البشر ولذلك يُقْصِي المُختلفَ عنه ويرميه بصفات مُسيئة وإقصائية وكثيراً ما صار به الغُلُو والحماس الديني إلى تكفير الآخر المُختلف عنه واتِّهَامه بأنواع الكُفر والشرك والبدعة واستحلالِ وسفكِ دمه وماله. 

وبعد اتهام ابن خميس للأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية بالشذوذ في ديانتهم اتَّهَمَهُم بتهمة التَّعَصُّب للموالي (عرق غير العرب) ضد القبائل العربية (عرق العرب) في منطقة اليمامة وهذا التَّعَصُّب المزعوم ليس له ذكرٌ في المصادر المخطوطة القديمة المُتناقلة من أيام الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وهذا الاستنتاج من ابن خميس مُجانبْ للصواب وتضخيم لبعض الأخبار الواردة في كتب التاريخ والجغرافيا وهي الخبر الوارد في كتاب صورة الأرض لابن حوقل عن رحيل جماعات من ربيعة ومضر من اليمامة إلى أماكن المعادن في ديار مصر في سنة ٢٣٨ هجرية والخبر الآخر الوارد في كتاب معجم البلدان للحموي عن رحيل أهل قُرَّان من اليمامة إلى البصرة نواحي جنوب العراق في سنة ٣١٠ هجرية وسبق مني الإشارة إلى أنّ العربَ عادةً ترحلُ بسبب القحط والخلافات وهذه الرحلات كانتْ بسبب القحط والمُقاسمة والخلافات وأَمَّا المُقاسمة هو نظام موجود في منطقة اليمامة من أيام ولاة العباسية وورثَهُ الأشرافُ الأخيضرية عنهم والخلافات على إيرادات المعادن حدَثَتْ بين مالكي المناجم وهم عرب هوازن وسُلَيْم وبين الضمناء وعُمَّال التعدين في عرب ربيعة ومضر وحكَمَتْ الأشرافُ الأخيضرية في مجلس القضاء على الضمناء والعُمَّال بالالتزام بما اتفقوا عليه مع هوازن وسُلَيْم والمؤمنون على شروطهم ولكنهم لم يقبلوا بالالتزام وانسحبوا من الاتفاق ورحلوا خاصة مع ترغيب ولاة العباسية لهم على الرحيل إلى مصر للتعدين ومزاحمة قبائل البجة بها وكاَنَتّ أيامُها الأشرافُ الأخيضرية ينزلونَ منطقة اليمامة في رحلاتهم مع حلفائهم عرب هوازن وسُلَيْم قبل تأسيس الدولة الأخيضرية باليمامة واتخاذهم الخضرمة عاصمة لدولتهم في عام ٢٥٢ هجرية وهذا الاتهام بالجور زَعَمَهُ هؤلاء الضُّمَنَاءُ وعُمَّال المناجم خصوصاً من اليهود و الفُرس والبربر ومن معهم الذين رأوا في قضاء الأشراف الأخيضرية بوجوب الالتزام جَوْراً عليهم.

والأشراف الأخيضرية كانوا مع حلفائهم عرب  هوازن وسليم في بوادي الحجاز غرب الجزيرة العربية ونواحي نجد وسط الجزيرة العربية، والدولة الأخيضرية وُلِدَتْ من رحم بادية العرب ودخلوا اليمامة بمساندة أهلها من العرب، وكانَتْ العربُ من نسيج مجتمعهم باليمامة في أيام دولتهم الدولة الأخيضرية (٢٥٠-٤٥٠ هجرية)، وكانَ أكثرُ سكان منطقة اليمامة باديةً وإنما التَّعَصُّب للموالي (عرق غير العرب) ضد القبائل العربية (عرق العرب) في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية داخل جزيرة العرب وفي خارجها حَدَثَ من العباسية في بغداد الذين أقصوا العربَ من المناصب وقرَّبُوا الموالي التوابعَ ولأجل ذلك نقمَتْ عليهم العربُ في نواحي نجد والحجاز وغيرهما. 

وأَمَّا قولُهُ (لذلك فقد قَلَبَتْ الأوضاعَ فيها وغَيَّرَتْ المباديءَ وحتَّى النظمَ السياسية والقَبَلِيَّة والعادات والتقاليد قَلَبَتْها رأساً على عقب مِمَّا جَعَلَ مُعْظَمَ سُكانِ هذه المنطقة من القبائل يُهاجرونَ إلى أفريقيا وغيرها من ظلم هذه الفئة واستبدادها)؛ يقصدُ ابنُ خميس أَنَّ الأشرافَ الأخيضرية الذين وصَفَهُم مُسبقاً ب (الفرقة الشاذة) قد غيَّرَتْ الأوضاعَ في منطقة اليمامة، وَوَدَتُ أَنَََّه قَدَّم هنا تفصيلاً عن هذه (النظم السياسية والقَبَلِيَّة والعادات والتقاليد) التي اتَّهَمَهُم بتغييرها وبقلبها رأساً على عقب لنَفْهَم مَقْصُوْدَه على وجه التحديد بدلاً من المُبالغة في التشنيع والتعميم والتضخيم والتهويل اللفظي وإذا كانَ مقصودُهُ هو المُقاسَمَةُ الواردُ ذكرُها عند الحموي في كتابه معجم البلدان فهو نظام لتمويل خزانة الدولة للصرف على مؤسساتها وجيشها وهو نظام ضريبي موجود في منطقة اليمامة من أيام ولاة العباسية، وأَمَّا أهل اليمامة فظلُّوا على عاداتهم العربية وأديانهم ومذاهبهم في أيام الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ولم يجْبِرُهُم الأشرافُ الأخيضرية على تبديلها، وكانَتْ عاداتُ الأشراف الأخيضرية هي عادات العرب في التعامل مع العرب وغير العرب، وعاداتُ الدولة الأخيضرية كانَتْ عاداتٍ عربيةً وهم من صميم العرب وكانَ عندهم القضاء العشائري وقضاء الشرع يَفْصِلَان بين المتخاصمين والجميع متساوون أمام القضاء لا فرق بين غني أو فقير ولا بين خاص أو عام ولا بين ذي جاه أو من كان من عامة الناس. 

وأَمَّا قولُهُ (مِمَّا جَعَلَ مُعْظَمَ سُكانِ هذه المنطقة من القبائل يُهاجِرونَ إلى أفريقيا وغيرها من ظلم هذه الفئة واستبدادها)؛ وأَمَّا سبب رحيل جماعات من عرب ربيعة ومضر من اليمامة هو القحط والخلافات بين العرب على التعدين وليس الظلم والاستبداد المزعوم عند ابن خميس وليس الجور المزعوم عند من سبقه من الجغرافيين والمؤرخين وهذا الرحيل ليس رحيلاً فرَغَتْ بسببه اليمامة من عرب ربيعة ومضر وغيرهم وسبق الإشارة لذلك في مُفردات سابقة والأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية ليسوا ملائكة وليسوا شياطين وهم كغيرهم من البشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم والأشراف الأخيضرية بتأسيسهم للدولة الأخيضرية آنذاك صاروا في ذمة التاريخ وما عَمِلُوا من عمل حسن سَيُحْمَدُوْنَ عليه وما عملوا من عمل سيء سيُذَمُّون عليه وأَمَّا شيطنة الأشراف الأخيضرية عند المؤرخين والجغرافيين المُتَقَدِّمين بما أوردُوه في كتبهم من إفتراءات مثل افترائهم على الشيخ الأمير الشريف إسماعيل بن يوسف الأخيضر الأول أيام حُكْمِه لمكة المكرمة والمدينة المنورة نواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية فهم ساقوها إِمَّا بُغضاً للأشراف الهاشمية أو إرضاءً للعباسية وجاء بَعْدَهُم مَنْ نقلها عنهم دون تمحيص ومُراجعة وهذه الإفتراءات يُعارضها العقلُ والنَّقْلُ عند المؤرخين الموالين للأشراف الهاشمية مثل المؤرخ اليعقوبي وغيره وأَمَّا خِطَاب التشنيع عليهم من ابن خميس يُفْهَمُ منه إيجادُ أسبابٍ تُفَسِّرُ ظاهرةَ البيوت الفردية وظاهرةَ إطلاق العَوام صفة (خَضِيْر) عليهم لتصُبَّ في صالح استنتاجه الذي رجَّحه في مادة (الخَضِيْرِيَّة) الواردة في كتابه (تاريخ اليمامة) وحمَّلَ فيه الأشرافَ الأخيضرية المسئوليةَ في وجود هاتين الظاهرتين بينما في الحقيقة وجود ظاهرة البيوت الفردية وظاهرة صفة (خَضِيْر) لهما أسبابٌ أُخرى كما بَيَّنْتُ ذلك في أكثرَ من مُفردة سابقة.

وأَمَّا الأشرافُ الأخيضرية الحسنية الهاشمية قَدَّمُوا نموذجاً حضارياً في الحُكْم والإدارة آنذاك أيامَ دولتهم الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية واِلْتَفَّ النَّاسُ حَوْلَهم لمُعاملتهم الحسنة واجتمعوا على مَحبَّتهم تحت رايتهم لسيماتهم الطيبة وعاش بين أظهرهم العربُ وغيرُ العرب من أعراق مُختلفة والمسلمون وغيرُ المسلمين لا يُضَارُ أحدٌ بدينه أو مذهبه ولا يُكرِهُونَ أحداً على تغيير دينه أو مذهبه إلى أَنْ طالَ القحطُ ودَسَّتْ لهم الجماعاتُ السليمانية اليهودية صاحبة نجمة داود النازلة من بلاد اليمن واضطروا إلى تعيين تابعهم أبوالعسكر الألف الكردي قائداً لجيشهم بعد رحيل حلفائهم عرب هوازن وهم قَوَامُ وقلبُ جيشهم بعد القحط ودسائس الجماعات السليمانية اليهودية لإثارة المشاكل بين العرب في سنوات التضعضع (٤٣٠-٤٥٠ هجرية) وكان هذا التابع أبوالعسكر الكردي آخرَ قائد لجيشهم وسقطتْ الدولةُ الأخيضرية في عام ٤٥٠ هجرية بعد انقلابه عليهم وخيانته لهم وعزمه وتدبيره الهجوم على متبوعيه الأشراف الأخيضرية في عقر دارهم وعاصمة مُلْكِهِم الخضرمة للقضاء عليهم وإبادتهم واضطروا للرحيل عنها وسَقَطَتْ دولتُهُم بهذا الرحيل في عام ٤٥٠ هجرية وتفرَّقَ بعدها الأشرافُ الأخيضرية شيوخاً وأمراء وقُضاة عشائر بين قبائل العرب في البوادي.

وأمَّا توابع الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية لَحِقَ كثيرٌ منهم في نسب عبيدالله الأعرج في إضافات وتراكيب آل حسين الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب عليهم السلام.

وأَمَّا الشيخ الأمير الشريف القاسم بن حُمَيْدَان شيخ شمل عشائر العرب في نواحي جنوب غرب الجزيرة العربية بن إسماعيل بن سليمان بن إسماعيل بن عبدالله بن سليمان الأكبر بن حمد الأكبر بن حسن بن علي بن عيسى بن حسن القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية كان عنده تابعان يخدمانه بعد نزوله من بلاد اليمن نواحي جنوب غرب الجزيرة العربية إلى إقليم الأفلاج نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في القرن التاسع الهجري وهذان التابعان أحدهما حبشي والآخر كردي وأَمَّا الشريف قاسم بن حميدان القاسمي المذكور كان عنده الكثير من التوابع من أعراق مختلفة وأكثر هذه التوابع وذراريهم تُرَكِّبُ نسبَها في اسمه الشريف وتُوْرِدُهُ في سلاسلها عند العد والتسلسل قديماً وحديثاً فيما ينشرونه من كتب أو مشجرات مطبوعة أو مخطوطة وكانت الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية تُزَوِّجُ ذراري توابعهم البيض من الكرد والشرقيين ونحوهم مع ذراري توابعهم الأحباش. 

وأَمَّا بُغض التوابع لمتبوعيهم الأشراف الهاشمية الأصلية عامة والأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية خاصة ليس له حد وليس له حل. 

وهذا في سياق تاريخي بحت ونحمدُ اللهَ الذي أنعم على البشرية بتطور أفكارها وظهرتْ ثقافةُ حقوق الإنسان واحترام كرامة وآدمية البشر تأكيداً للأصل البشري الواحد وصارَ العملُ محل احترام وتقدير.
 
(أُعِدَّتْ مُلخصةً من المصادر المخطوطة القديمة وبالله التوفيق).
مصدر الصورة:
كتاب (تاريخ اليمامة، عبدالله بن محمد ابن خَمِيْس، ط١، ١٤٠٧ هجرية، ١٩٨٧ ميلادية، مطابع الفرزدق، الرياض، السعودية، الجزء ...، ٢٥٠-٢٥٦).























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق