الثلاثاء، 24 أغسطس 2021

صفة (خَضِيْر) في لغة العرب .. المعنى والاشتقاق.


هذه المفردة التاريخية تَتَحَدَّثَ عن صفة (خَضِيْر) في لغة العرب اشتقاقاً من أصلها اللغوي في كلام العرب ومعناها القديم عند العرب وصفة (خَضِيْر) هي صفة عربية قديمة معروفة عند العرب قديماً قبل تأسيس الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية للدولة الأخيضرية باليمامة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في عام ٢٥٢ هجرية وقد أطلقها العربُ قديماً على العربي الأصلي من عرق العرب المَقْطُوع من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بخلاف أو رحيل عن الديار أو تَقَطُّع حلف قبيلته الأم العربية الأصلية واضمحلالها وتَفَرُّق بيوتها بين العرب وغير العرب بسبب الحروب والواقعات ونحوه وما دام مَقطوعاً من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية فهو (خَضِيْر) ما لم يَعُدْ هو وذراريه إلى حلف قبيلته الأم العربية الأصلية التي هو من أصلها وعرقها ومن صُلْبِ جَدِّ قبيلته الأم الأصلية التي تُعْرَفُ باسمه ولقبه القبيلة وسواءً لَحِقَ هو  أو ذريتُه بعد ذلك داخلاً في حلف قبيلة أخرى أو لم يُحالِف أحداً من العرب وعاش على ظل سيفه فهو (خَضِيْر) مالم يَعُدْ إليه. 

والعربُ أَخَذَتْ هذا الوصفَ (خَضِيْر) على وزن فَعِيْل اشتقاقاً من الجذر اللغوي والفعل الثلاثي المُتَعَدِّي (خَضَرَ) ومن قولهم:

خَضَرَ الشيءَ يَخْضُرُهُ خَضْراً فهو مَخْضُور وخَضِيْر. 

أي قَطَعَهُ من أصله، فهو مقطوع من أصله وقَطِيْعٌ من أصله.  

وأَمَّا أصلُ الشخص هنا في سياق حديثنا هو قبيلته الأم الأصلية.
 
شبَّهوا قَطْعَهُ من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بقَطْعَ الفَرْعِ من الشجرة والشجرة هي الأصل وبقطع النبات من جذوره وجذور النبات هي أصله.

ومنه أخذوا وصفَهُم (خَضِيْر) للمقطوع من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بسبب خلاف أو رحيل أو تَقَطُّع قبيلته. 

وعادةً لا يوجدُ أحدٌ يرغبُ في ترك حلف قبيلته الأم العربية الأصلية ومُغادرة مراتع صباه والرحيل عن مضارب قبيلته ولكنه يُقْطَعُ من حلف قبيلته الأم الأصلية بأسباب خارجه عن إرادته أو يرحل عن ديار قبيلته مُضطراً بعد نشوب الخلافات في القبيلة وتطوُّر المشاكل وازديادها وعادةً ما تكون خلافات عند ورد ماء أو ملكية ناقة ونحوه ويتطوَّر الأمرُ إلى سفك الدماء والثارات، وفي السيرة النبوية بعد بعثة آخر الأنبياء محمد بن عبدالله القرشي الهاشمي -صلى الله عليه وسلم - وخلافاته مع قبيلته قريش بمكة المكرمة قال مُخاطباً مكة المكرمة قُبَيْل رحليه عن دياره مكة المكرمة وقبيلته قُريش مُهاجراً إلى الأنصار من الأوس والخرج في المدينة المنورة:
(واللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ، وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، ولولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ ما خرجتُ). 

وأَمَّا (الخَضْرُ) أي القَطْعُ يقَعُ على المرء لأسباب تَقْطَعُهُ من حلف قبيلته الأم الأصلية، ولذلك الخلافات تَقْطَعُهُ من حلف قبيلته الأم الأصلية، والرحيل عن ديار القبيلة يَقْطَعُهُ من حلف قبيلته الأم الأصلية وتَقَطُّع القبيلة وتفكُك حلفها وتفَرُّق بيوتها بين العرب وغير العرب تَقْطَعُهُ من حلف قبيلته الأم الأصلية، وأَمَّا العربي الأصلي من عرق العرب المقطوع من حلف قبيلته الأم العربية الأصلية بسبب خطفٍ أو سبي أو مَنْ كانَ من عرق غير العرب فقد أطلقَتْ عليه العربُ صفةَ (مولى تابع) ولا يُطْلِقُون عليه صفةَ (خَضِيْر).

وأَمَّا صفة (خَضِيْر) هي صفة حال للمرء العربي الأصلي من عرق العرب المقطوعِ من حلفِ قبيلته الأم العربية الأصلية بسبب خلافات أو رحيل أو تمزُّق قبيلته في الحروب كما مَرَّ معنا، وليس فيها مدحٌ وليس فيها قدحٌ، ومن هذه الصفة (خَضِيْر) اشتقوا الصفاتِ بصيغة الجمع: (خَضِيْريَّة) و (بني خَضِيْر) و (خَضَائِر)، وبعدمَا جارَتْ التوابعُ المُتمردة على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة قاَمَتْ هذه التوابعُ المُتمردة الباغضة المُتَغَلِّبَة بإطلاق صفة (خَضِيْر) على متبوعيهم بقصد الذم والتَّنَقُّص خلافاً لما كانتْ عليه عند العرب قديماً ومُعايرةً لمتبوعيهم لتَفَرُّق بيوت الأشراف الهاشمية الأصلية بين العرب وغير العرب في النواحي والديار داخل وخارج جزيرة العرب وعدم تكوُّن قبيلةً جديدةً لهم باسم جدهم هاشم تَجْمَعُهُم في حلفها مجتمعين في ديار واحدة بعد مرور أكثر من ١٤ أربعة عشر قرناً هجرياً وتشَعُّبُ ذراريهم، وهذا الإطلاق حدَثَ ثلاثَ مرات في نكبات كُبريات ثلاث؛ الأولى في ديار قحطان نواحي جنوب غرب الجزيرة العربية في القرن العاشر الهجري نحو عام ٩٤٠ هجرية، والثانية في إقليم وادي الدواسر نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في القرن الحادي عشر الهجري نحو عام ١٠٧٠ هجرية في سنوات شمول القبائل للبيوت، والثالثة الأخيرة في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ونواحي حائل شمال الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، والإطلاق الثالث الأخير خَصُّوا به البيوتَ الفردية بعد ترك متبوعيهم لأحلاف العرب في البوادي وخروجهم من تلك الأحلاف إلى بيوت فردية في القُرَى وتوسَّعُوا في إطلاقه على جميع البيوت الفردية بُغضاً منهم لمتبوعيهم ليخْلِطُوهم بغيرهم وليكسُروا نفوسَهم وليُنَفِّرُوا العربَ عنهم، وهذا الإطلاق الثالث الأخير هو سبب بقاء هذه الصفة حتى يومنا الحاضر في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية ومنطقة حائل نواحي شمال الجزيرة العربية. 

وصفة (خَضِيْر) هي صيغة لفظية لوصف حال الشخص ومُجرَّدة من الثناء والذم كما وضَّحْتُ ذلك سابقاً في أكثر من مُفردة وليست نَسَبْ وليست نِسْبَة وليست اسم قبيلة وليست اسم شخص وليست اسم جد وليست اسم مكان وليست اسم حلف ومعناها من (الخَضْر) أي القَطْع وليس معناها من الخُضْرَةُ وصف لون البشرة وهي لون بين سُمرة العرب وشدة السواد، والأصل في لون العرب هو سمرة العرب وبعد تزاوجهم من الأعراق البشرية الأخرى دخَلَتْ فيهم دماءُ غيرهم وظهرتْ فيهم درجاتُ مُختلفة من الألوان، وكذلك لا علاقة لهذه الصفة (خَضِيْر) بالأشراف الأخيضرية ونسبتِهم إلى لقب جَدِّهم الشيخ أمير اليمامة والحجاز الشريف محمد الملقب الأخيضر الأول بن إبراهيم بن موسى الجون بن عبدالله المحض الحسنية الهاشمية، وألوان السُّمرة والسواد في الأشراف الأخيضرية مُتوارثةٌ من أيام جَدِّهم الشيخ الأمير الشريف موسى المُلَقَّب الجون لسواد لونه ولكن لاشتراك صفة (خَضِيْر) مع صفة (أُخَيْضِر تصغير أخضر) في الجذر اللغوي (خضر) استنتجَ بعضُ الناس أَنَّ لها علاقة بالأشراف بني الأخيضر الحسنية الهاشمية، والعربُ وَصَفَتْ الشخصَ فوق سمرة العرب ودون سواد الزنج مُقارباً للون البُنِّي بصفة (الأخضر) و (الأخاضرة) للجمع، وفي اللغة الدارجة المسموعة نواحي نجد وسط الجزيرة العربية يقولونَ واصفين لون الشخص فوق سمرة العرب أو شديد السواد: (خَضَر) على وزن فَعَل أي (أخضر) وهم لا يَنْطِقُونَ الهمزةَ في أول الكلمة ويفتحونَ الحرفين بعدها ويقولون للجمع: (خُضْرَان) على وزن فُعْلَان ولم أسمعهم يقولون: (خَضِيْر) لوصف اللون بينما سمعتُهُم كذلك يُطلقونَ صفَةَ (أزرق من زُرقة اللون) وصفة (أصفر من صُفرة اللون) على درجات من سُّمرة اللون. 

ولذلك فصفة (خَضِيْر) مأخوذة في لغة العرب من الإنقطاع ومعناها الأول الأصلي هو الإنقطاع من حلف القبيلة العربية الأم الأصلية للأسباب المذكورة سابقاً وغرضُها الأول الأصلي هو مُجرد وصف الحال عند العرب قديماً وأَمَّا استعمالها لغير غرضها الأول الأصلي وما حَدَثْ من تغيير معناها عند بعض العرب بغرض الذم والتَّنَقُّص إلى معاني أخرى رديئة كالعمل في الحرف اليدوية والأعمال التي يترفَّعُ عنها غيرُهُم والتفاوت في أخذ الثأر وضعف الحال والخفاء بعد القوة والظهور والتخفي خوف الثأر ونحوه فهو أمر طاريء وقد نبَّه إلى ذلك النسابون الأصوليون وشرحوا تواريخَ صفة (خَضِيْر) وأسباب تغيير معناها وأغراضها عند بعض العرب وفرَّقُوا بين صفة (خَضِيْر) كوصف حال وبين صفة (الخَضِيْرِي) كندهة ونخوة عند بعض العرب وبيَّنُوا معناها وأسبابها وأغراضها كندهة ونخوة وهي صيغة لفظية وليست باسم جد أو شخص أو حلف أو مكان. 

وهذا في سياق تاريخي بحت ونحمدُ اللهَ الذي أنعم على البشرية بتطور أفكارها وظهرتْ ثقافةُ حقوق الإنسان واحترام كرامة وآدمية البشر تأكيداً للأصل البشري الواحد.

(أُعِدَّتْ مُلخصةً من المصادر المخطوطة القديمة وبالله التوفيق).
مصدر الصورة: الإنترنت. 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق