الجمعة، 5 نوفمبر 2021

الشيخ الأمير الشريف راشد بن عبدالله القاسمي القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية في كتاب (عدن لؤلؤة اليمن) للبار.


هذه المُفردة التاريخية تَتَحَدَّثُ عن بعض ما جرى من خلافات مع البريطانيين في عدن وعن بعض ما ورد عن الشيخ الأمير الشريف راشد بن عبدالله القاسمي القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية وبعض ما ورد عن غيره في كتاب (عدن لؤلؤة اليمن، محمد علي البار (١٣٥٨-... هجرية)، نسخة رقمية مرفوعة على النت، كنوز المعرفة، جدة، السعودية، رقم الصفحات: ٦٧ و ١٠٢ و ١١٠ و ١١٣-١١٥ و ١١٧-١١٨ و ١٢٠-١٢٤ و ١٣١-١٣٣ و ١٦٥-١٦٨) وهذه النسخة الرقمية من هذا الكتاب هي قبل حصولها على الترقيم الدولي وفي عام ١٤٣٣ هجرية الموافق للعام ٢٠١٢ ميلادية صدرتْ الطبعة الأولى من هذا الكتاب وأَمَّا مُؤلفه البار هو طبيب وداعية إسلامي ومؤلِّف يمني مُعاصر مُقيم في السعودية.

وبعد قرائتي للجزء الثالث من هذا الكتاب المذكور وجدتُ ثلاثَ شخصيات رئيسية يردُ ذِكْرُها في فترة أحداث مفاوضات ومحاولات شركة الهند الشرقية البريطانية التابعة لحكومة بومبي البريطانية لاستئجار أماكن في عدن ثم لشراء عدن وانتهتْ تلك المفاوضاتُ والمحاولاتُ بأخذ عدن بالقوة في يوم الجمعة الثاني من شهر ذي القعدة من عام ١٢٥٤ هجرية الموافق ١٨ يناير ١٨٣٩ ميلادية ويمكنني القولُ أَنَّ تلك الشخصيات الثلاث تعاملتْ مع تلك المفاوضات بأساليب وعقليات مُختلفة وهم:

١-السلطان محسن بن فضل السلامي العبدلي اللحجي حاكم لحج وعدن، صاحب عقلية سياسية مُرَاوِغَة (ت ١٢٦٣ هجرية).
 
٢-القاضي علوي بن زين العيدروس منصّب عدن، صاحب عقلية دينية سياسية مُتلونة ماكرة (كان حياً في عام ١٢٧٩ هجرية).
 
٣-الشيخ الأمير الشريف راشد بن عبدالله القاسمي القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية كبير تجار عدن، صاحب عقلية تجارية صريحة وواضحة بعيدة عن المُراوغة (كان حياً في عام ١٢٥٤ هجرية).

ويُمكنُ تحليلُ هذه الشخصيات الثلاث المُعاصرة لما جرى من أحداث انتهتْ بأخذ البريطانيين لعدن ومناقشةُ بعض ما أوردَهُ المؤلفُ البارُ في كتابه المذكور فيما يلي:

١-السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي.
 
وهذا السلطان أَخَذَ حُكْمَ منطقة لحج وعدن نواحي جنوب بلاد اليمن بعد سابقه السلطان أحمد بن عبدالكريم العبدلي اللحجي المُتوفى في عام ١٢٤٣ هجرية وهذا السلطان أحمد بن عبدالكريم العبدلي اللحجي المذكور هو أول حاكم عبدلي لحجي عَقَدَ اتفاقيةَ مع البريطانيين الإنجليز ودعاهُم إلى بلاده (انظر ج٣/ الصفحة ٢٨) وزارُوه في الحوطة عاصمة لحج وامتدحوه (انظر ج٣/ الصفحة ٢٩) وعرض عليهم الدخولَ في حلف معهم والسماح لهم باستخدام عدن ووقَّعتْ بريطانيا معه اتفاقية (انظر ج٣/ الصفحة ٣٠) ووقَّع معهم معاهدةَ صداقة (انظر ج٣/ الصفحة ٣٤) ودخلتْ القواتُ البريطانية عدن واستقبلهم بحفاوة وإظهار الصداقة (انظر ج٣/ الصفحة ٣٥) وأَمَّا السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي مثل سابقه لا يرفضُ التعاملَ مع البريطانيين وكان يرغبُ حقاً في صداقة الإنجليز ووافق على تأجير قطعتي أرض للبريطانيين في عدن لتكون محطة لتموين السفن بالفحم وأخرى للوكالة البريطانية التجارية وأكدَّ صداقته معهم بقوله: "أصدقاؤنا أصدقاؤكم، وأعداؤنا أعداؤكم" وطلب من الكابتن هينس البريطاني أن يزوده بالبارود ومدفع وسلاحاً ومالاً ليدافعَ بها عن حُكمه أمام أعدائه من الحكام والسلاطين حوله ولكن هينس اعتذر عن هذا الطلب (انظر ج٣/ الصفحات ١١٥، ١١٨، ١١٩) وصرَّح أنه يفضل ولايةَ الإنجليز - الذين وصفهم سابقاً بالكفار في رسائله إلى الحاكم الفضلي قبل وبعد أخذ عدن - على ولاية المصريين المسلمين - بزعامة محمد علي باشا آنذاك - وسألهم ما إذا كانوا يقبلون بوضع قوات بريطانية لحمايته مقابل إعطائهم ربع دخل البلاد (انظر ج٣/ الصفحة ١١٧) ورفض بيعَ عدن إليهم وأخبرهم بأنه على استعداد أنْ يعقد حلفاً معهم وأن يُحارب أعداء بريطانيا بشرط أن تُساعده بريطانيا بالقضاء على أعدائه في داخل اليمن ورفَضوا عرضَه في تأجير قطعتي الأرض إليهم وطلبه أن يساعدوه في حربه مع أعدائه وأكد الكابتنُ هينس للسلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي وجوبَ التخلي عن عدن بالكامل الإنجليز البريطانيين ورَفَضَ السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي التخليَ عن عدن وبيعها لهم وقال: "إنَّ هناك مثلاً عربياً يقولُ دَع الجسد يحترق، ولا تدع الوطن يخترق. ومن الأفضل أن يبيع الواحد أمه على أن يبيع وطنَه" (انظر ج٣/ الصفحة ١١٣).

والسؤال الذي يطرحُ نفسَه، ماهو سبب موقف السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي الرافض للتنازل عن عدن للبريطانيين؟

هل هو بسبب عدم رغبته في فقدان سيطرته على عدن وتوقف واردات جمارك عدن التي تصبُ في خزانته مقابل معاشات ورواتب سيحصل عليها من البريطانيين؟

أم كان صادقاً في مبدئه بسبب إيمانه المُطلق وطنيةً أو تَدَيُّناً بعدم قبول بيع أراضي الأوطان؟

والجواب يتضِّحُ من خلال ثبات موقفه من عدمه بعد أَخْذِ البريطانيين لعدن وبعد محاولاته ومحاولات غيره التي لم تنجحْ في استعادة عدن وبعدها ذهبتْ شعاراتُه الوطنية ووطنيَّتُهُ المزعومة أدراجَ الرياح كأن لم تكنْ ولم نعُد نسمعها منه ورَضِيَ أَنْ يبقى تحت ولاية البريطانيين وأَنْ يتعاملَ معهم وعَقَدَ معهم اتفاقيات الصداقة والتنازل عن عدن وطلبَ منهم الرواتبَ وزارهم في عدن، وذهب إلى عدن وطالب الكابتنَ هينس البريطاني حاكم عدن أنْ يُعاملَ كمهراجات الهند (انظر ج٣/ الصفحات ١٣١-١٣٣)، ثُمَّ غَضِبَ حين لم يحصلْ على نصيبه من صفقة بيع البريقة المسماة بعدن الصغرى إلى البريطانيين التي تمتْ على يد علوي بن زين العيدروس بدون علمه (انظر ج٣/ ١٦٩). 

وأَمَّا مسألة سرقة ختمه وتزوير خطاب تنازله عن عدن فتحتاج إلى مزيد دراسة وتحليل لمعرفة ملابسات هذه الواقعة المزعومة والرجوع إلى المصادر بلغتها الإنجليزية من مراسلات وكتب كي تتم قراءتها قراءة مُتأنية من جميع الجوانب لنخرُجَ بتصور كامل عن ما حَدَثَ وما إذا كان السلطان محسن بن فضل اللحجي وقَّع خطابَ التنازل عن عدن تحت ضغط البريطانيين ثم تراجع عنه لسبب ما وادَّعى سرقةَ الختم وتزوير الخطاب أو ما إذا كان تم سرقة ختمه وتزوير خطاب تنازل مدموغ بختمه المسروق فعلاً إذ ليس من المعقول أنْ يعترفَ الكابتن البريطاني هينس الموصوف بالدهاء بوجود ختم السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي في حوزته (انظر ج٣/ الصفحة ١٢٠)، واعترافه في هذه الحالة هو إقرارٌ منه بحدوث واقعة سرقة ختم السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي وتزوير خطاب التنازل عن عدن للبريطانيين، فهل قصد هينس بكلامه عن وجود الختم عنده هو دمغة الختم على خطاب التنازل أم قصد الختم نفسه؟، هذه أسئلة تحتاج إلى إجابة وتفسير من خلال مزيد بحث. 

وأَمَّا توجيه السلطان محسن بن فضل اللحجي الاتهام للشريف راشد بن عبدالله القاسمي في المساعدة في سرقة ختمه إنْ حدَثَتْ هذه السرقة وصدر منه هذا الاتهام فذلك بدافع خوفه على سلطته ومن خوف حوز الشريف راشد بن عبدالله القاسمي للسلطة والحُكْم مكانه، وهذا الاتهام يحتاجُ إلى بينة لتثبُتَ الإدانةُ، وكذلك يحتاج الباحث إلى دليل لمعرفة نوع هذه المساعدة المزعومة في سرقة الختم خاصةً وأنَّ الكابتن البريطاني هينس والمترجم ملا جعفر الهندي ليسا في حاجة إلى مساعدة الشريف راشد بن عبدالله القاسمي لهما في سرقة الختم مقابل استلام رشوة مالية كبيرة وعندهما من يتعاون معهما مباشرةً من داخل قصر السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي.

٢-القاضي علوي بن زين العيدروس. 

وهذا القاضي كانَ في منصب ديني ووظيفة روحية في عدن وبقي في عدن بعد أَخْذِ البريطانيين لها تحت ولاية وحُكْمِ الكابتن هينس الإنجليزي البريطاني الذي وصفه سابقاً بالكافر، وأَمَّا هذا علوي بن زين العيدروس فيُعَدُّ نموذجاً للشخصية الدينية الماكرة اللابسة لباس الدين والتي تتلوَّنُ بكل لون لتحقيق مصالحها الشخصية، فمرة يلبسُ لباسَ رجل السياسة ويثيرُ المشاكلَ والأزمات بالدسائس بين السلاطين والحكام تارةً ويتسبَّبُ في وقوع الحرب وسفك الدماء بينهم لمآرب في نفسه وتارةً يُقَرِّبُ بينهم ويُنهي الأزمات بينهم لينتَفِعَ منهم وتارةً يُصاهرُهُم لتحقيق مصالحه الشخصية (انظر ج٣/ الصفحتين ١٦٥ و ١٦٦)، ومرةً يلبسُ لباسَ رجال الأعمال والمُقاولين ويصبحُ مُقاولاً في بيع ونقل المياه (انظر ج٣/ الصفحة ١٦٥)، ومرة يخلعُ لباسَ الدين بالكلية ولم تمنعه تقواه ولم يردعه منصبُه الديني من أنْ يُصْبِحَ سمساراً يتم بيع أراضي عدن الصغرى بمفاوضات على يديه للبريطانيين في عام ١٢٨٠ هجرية (انظر ج٣/ الصفحتين ١٦٨ و ١٦٩) وهو قَبْلَ ذلك ممَّن أساءَ الأدبَ وكَفَّرَ الشيخَ الأمير الشريف راشد بن عبدالله القاسمي وشتمه ووصفه بالحقارة وأنَّهُ يسعى للمكاسب باستخدام رجال الدين وتسليم أرض عدن للكابتن هينس البريطاني الإنجليزي الكافر (انظر ج٣/ الصفحتين ١١٤ و ١١٥)

وأمَّا سلوكه المشين من تكفير وسب للشريف راشد بن عبدالله القاسمي فليس بمستغرب عليه ودافعُه البُغض للشريف راشد القاسمي ولا سبب له سوى الحسد والحقد على أي شريف أصلي من فروع الأشراف الهاشمية الأصلية وليس اهتماماً منه بعدن وأهلها والتي أصبحتْ أرض من أراضيها تُباعُ إلى البريطانيين بدون اعتراض منه بل وبمفاوضات تتم على يديه كما مر معنا.
 
وأَمَّا قول المؤلف البار مُعلِّقاً بين قوسين في موضع من كتابه حين يُورِدُ خبرَ هجوم وتكفير وسب علوي بن زين العيدروس للشريف راشد القاسمي في واقعة الرشوة المزعومة: (يَنْتَسِبُ العيدروس إلى عيسى المهاجر الذي ينتَسِبُ إلى الإمام السبط الحسين بن علي كرم الله وجهه، وابن فاطمة الزهراء، بنت خير البرية)، انتسابه هنا في حقيقته هو انتساب إضافة وتبعية وليس انتساب عرق وصُلْب، وتوجدُ أعدادٌ بالملايين في المشارق والمغارب وداخل وخارج جزيرة العرب مِمَّنْ يُضِيفون نسَبَهُم في نسب الأشراف الهاشمية القرشية العربية، وهذه الأعداد الضخمة أصولهم من أعراق مُختلفة ومنهم من يهود ينبع والمدينة المنورة نواحي الحجاز غرب الجزيرة العربية من ذراري النبي يعقوب الملقب إسرائيل بن النبي إسحاق بن النبي إبراهيم أبو الأنبياء عليهم السلام ومنهم من يهود اليمن وعدن والحبشة والهند وفارس وغيرها وأَمَّا (عيدروس) فهو من مسلمة اليهود وهو من يهود الهند وأصوله القديمة يهودية وجُلِبَ من دياره والنخاسون جلبوه من الهند عن طريق الحبشة واشترته عربُ زهران القحطانية نواحي جنوب غرب الجزيرة العربية وكلَّفوه في سقي الماء ورش الديوان و (عيدروس) هي لغة يهودية عبرية قديمة ويُقصدُ بها كبير الكهنة والسدنة من أهل العلم اللاهوتي وبعد إسلامه سُمِّي (عبدالله) وكانَ موجوداً قبل القرن العاشر الهجري وأعتقته زهرانُ ثُمَّ رحل هارباً مع مجموعة من اليهود الرعيان واستقر به الرحيلُ في ديار حضرموت جنوب الجزيرة العربية ولَحِقَ في إضافات التوابع المتصوفة من أصحاب القبب والمَشاهد المركبة في نسب التابع البربري (أحمد بن عيسى) المهاجر الذي هو من كبار التوابع المعروفين بالعواصم والراحل مع مجموعة التوابع البربر ومن معهم من نواحي البصرة جنوب العراق إلى تهامة نواحي اليمن في تبعية الشيخ الأمير الشريف سليمان بن محمد بن عليان بن سليمان الأكبر بن حمد الأكبر بن حسن بن علي بن عيسى القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية والمُضاف في سلسلة نسب الشيخ الأمير الشريف محمد النقيب بن علي العريضي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين الحسيني الهاشمي القرشي العربي (التركيب في السلسلة يبدأُ من بَعْدِ محمد النقيب المذكور) ثُمَّ ماتَ هذا التابعُ اليهودي (عيدروس) في الشحور ودُفِنَ في حضرموت وله ذرية ومعهم خليطٌ كثير. 

وأَمَّا التوابع إذا حاط أمرُهم بالشريف الهاشمي أذاقوه أنواعَ الذل وليس لهم أمان مهما عاشروا وصادقوا. 

٣-الشيخ الأمير الشريف راشد بن عبدالله القاسمي القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية. 

هذا الشريف الهاشمي من شيوخ العرب وأمراء الأشراف القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية القرشية العربية وشيخ تجار عدن في وقته وسار على منهج آبائه وأجداده الأشراف الأخيضرية الهاشمية في الحياد عند حدوث الخلافات وعدم الدخول طرفاً في نزاعات وفي التأكيد على حقن الدماء والصلح بين المتخاصمين، وعندما أرادتْ شركةُ الهند الشرقية البريطانية أَخْذَ عدن لتكون قاعدةً لهم ومحطة لتموين سفنهم بالفحم بعد فشلهم في استئجار محطة لهم في جزيرة سقطرى المهرية وبحكم علاقاته التجارية مع الهنود وشركة الهند الشرقية البريطانية أُقْحِمَ في هذا الأمر، والشريف راشد القاسمي تاجر والتاجر يحسب الربح والخسارة ويبحثُ عن الحلول العملية والواقعية والعقلانية وبلا شك أنه أدرك طَمَعَ البريطانيين في أخذ عدن من أول وهلة قابل فيها الكابتن هينس البريطاني وأدرك عدم القدرة في دفع البريطانيين عنها وأدرك تَفَوُّقَهم عدةً وعتاداً وهم الذين أخذوا الهندَ وصاروا سادة البحار فلن يعجزوا عن أخذ عدن متى أرادوا والحرب معهم ستكون بلا طائل وإدارة البريطانيين لعدن ستكون أفضل لعدن وأهاليها من إدارة الحكام والسلاطين المحليين وما ينجم عن الخلافات بينهم من أضرار واقتصاد عدن يقوم على التجارة والتجارة تزدهر في البيئة المُستقرة وعدن ستزدهر إقتصادياً في عهد البريطانيين وسيعمُ النفعُ جميعَ تُجارها وأهاليها، ورأيه هذا هو نفس رأي ابن عمه الشيخ الأمير الشريف عيسى بن مبارك آل عليَّان القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية حليف عرب المهرة حينما نزل البريطانيون بسفنهم سواحل جزيرة سقطرى وأراد عربُ المهرة محاربتَهم وأشارَ على حلفائه المهرة أنه ليس من الحكمة محاربة البريطانيين الذين يستطيعون تدمير قواربَهم وستتأثرُ مصادرُ معيشتهم من التجارة مع الهند (ج٣/ الصفحة ٦٧)، والمؤلف البار أشار إلى عدالة البريطانيين في كتابه هذا عندما قال: " فقد كان الإنجليز بالذات أقل قسوةً وأكثر عدالةً مما فعله المسلمون بإخوانهم على مدى التاريخ الطويل من كربلاء إلى يومنا هذا " (انظر ج٣/ الصفحة ١٢٦)، والبريطانيون عندما يأخُذونَ بلداً فليسوا فقط مُحتلُّون بل يستثمرون ويبنون ويُشيِّدون وآثار ما شيدوه من بنية تحية وأبنية وغيرها باقية إلى اليوم في بلاد الهند وغيره. 
 
ولوكان الشريف راشد بن عبدالله القاسمي محل شك عند السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي وابنه أحمد بعد واقعة سرقة الختم المزعومة لما استمرا في التعامل معه واستعانا به في مخاطبة الكابتن هينس البريطاني ونقل رسائلهما الشفوية إليه ليثنياه عن فكرة أَخْذِ عدن منهما وعَمَلُ الشريف راشد بن عبدالله القاسمي في التجارة يتطلَّبُ منه الحياد مع الطرفين وعدم الدخول طرفاً في هذا النزاع بين الكابتن هينس البريطاني والسلطان محسن بن فضل اللحجي وعدم التورط في أعمال هابطة كسرقة ختم وتزوير خطاب أو إبلاغ الملا جعفر الهندي بمحاولة اختطاف أحمد بن السلطان محسن بن فضل العبدلي اللحجي للكابتن هينس البريطاني ليأخذ ورقة التنازل منه، ولشهرة الأشراف القواسم بالحياد والأمانة وسماتهم الطيبة نمتْ تجارُتُهم عبر البر والبحر وَوَثِقَ بهم العدوُّ والصديقُ حتَّى إنَّ الكابتن هينس البريطاني يدركُ أمانَتَهم ولذلك ائتمن الشريفَ علي بن عبدالله القاسمي على واردات عدن من الجمارك وعينه مأموراً عليها في ٢٧ صفر من سنة ١٢٥٥ هجرية قبل ذهابه إلى بومبي في زيارة إلى الهند، والشيخ الأمير الشريف علي بن عبدالله القاسمي والشيخ الأمير الشريف راشد بن عبدالله القاسمي والشيخ الأمير الشريف عيسى بن مبارك آل عليَّان القواسم هم من أواخر تُجَّار الأشراف القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية وبعدَهم توقَّفَتْ تجارةُ الأشراف القواسم الأخيضرية وحلَّ مَحَلَّهُم حلفاؤهم من العرب وتوابعُهُم من أعراق مُختلفة الذين يتسَمَّون باسمهم عبر البحار من البصرة جنوب العراق وسواحل الخليج العربي وسواحل عُمان وحضرموت واليمن إلى سواحل البحر الأحمر والقرن الإفريقي. 
 
وأَمَّا اليهود فكان منهم قديماً في عدن وكان منهم تجار وموظفون فيها ومعروفون بمهارتهم في ضبط دفاتر الحسابات وإدارة جمارك عدن وصياغة الحلي والسيوف والخناجر والسكاكين ومنهم من أسلم عن رغبة بدون إجبار أو إحراج وسلك مسالك المتصوفة ولَحِق في نسب وتراكيب التوابع المتصوفة المُضافين في سلاسل نسب متبوعيهم الأشراف الهاشمية ومنهم التوابع اليهود المعروفون بالعواصم ومن يلتحقُ في تكتلاتهم من توابع بربر وكرد وفرس وهند وحبش وغيرهم أصحاب الرحلة مع متبوعيهم الأشراف الهاشمية من نواحي البصرة جنوب العراق إلى زبيد تهامة وعدن ونواحي اليمن جنوب غرب الجزيرة العربية وحضرموت وهؤلاء التوابع من مُسلمة اليهود يُعرفونَ بالعد والتسلسل وإضافاتهم وتراكيبهم وسلاسلهم وبأسمائهم وألقابهم اليهودية العبرية المُتوارثة عندهم تناقلاً من أيام العرب القديمة الأولى.

والأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وأبناء عمومتهم الأشراف الخواورة الحسينية الهاشمية كانَ لهم أمارات ومشيخات عشائرية بين العرب في الشحور وحضرموت نواحي جنوب الجزيرة العربية من أيام الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وبعد سقوطها في عام ٤٥٠ هجرية وتفرُّقهم بعدها في بوادي العرب داخل وخارج جزيرة العرب ومعهم في تلك النواحي والديار حلفاؤهم من العرب وتوابعهم من أعراق مُختلفة وهذه التوابع يُعرفونَ بالعد والتسلسل وبأسمائهم وألقابهم وإضافاتهم وتراكيب بعضهم في بعض وببُغْضِهم لمتبوعيهم الأشراف الهاشمية وكذلك بتحليل الحمض النووي DNA في الوقت الحاضر.
 
 وأَمَّا الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية بعد سقوط الدولة الأخيضرية باليمامة في عام ٤٥٠ هجرية نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وتفرُّقهم في بوادي العرب ما رفعوا سيفاً على أحد طلباً لأخذ حُكم أو سُلطان لهم في النواحي والديار داخل وخارج جزيرة العرب واكتفوا بأخذ الراية والحُكْم والقضاء العشائري والأمارة والمشيخة في قبائل العرب بعدما مروا به من تجارب مريرة ومُضايقات ونكبات مع توابعهم الكثيرة اللاحقة في قبائل العرب عبر تاريخهم الطويل الممتد من أيام الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٠ - ٤٥٠ هجرية) وحتى القيام الأخير لتوابعهم عليهم في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري نواحي نجد وسط الجزيرة العربية حيث يتطلَّبُ أخذُ الحُكْم والسُّلطان في النواحي والديار حلفاءَ من العرب وتوابعَ مُحبين وصادقين معهم في الواقعات والحروب وهذا لَمْ يَتَحَقَّقْ لهم من أيام دولتهم الدولة الأخيضرية في اليمامة (٢٥٠-٤٥٠ هجرية) وبعدها ومن فَكَّر منهم في وضع نواة لتأسيس الدولة الأخيضرية من جديد قتلتُه التوابعُ أو أفسدوا عليه مثل قَتْلِهِم لمتبوعهم العالم الشيخ الأمير الشريف إبراهيم بن شعيب من بني الأمير أحمد حميدان بن إسماعيل بن يوسف الأخيضر الثاني الأخيضرية الحسنية الهاشمية في عام ٧٩٥ هجرية ومثل إفسادهم على متبوعهم الشيخ الأمير الشريف عليان الأكبر بن فليح الأكبر القواسم الأخيضرية الحسنية الهاشمية بعد وضعه أساس قصره في بلدة بريدة في إقليم القصيم نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في نحو عام ٨٤٠ هجرية وإنما أكثر التوابع يُحبون التوابعَ الآخرين ويَصْدُقُون معهم إذا أرادوا أَخْذَ حُكْمٍ أو سُلطان وليس لهم صدق ومحبة مع متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وبُغْضُ ذراريهم لذراري متبوعيهم الأشراف الهاشمية مُستمر حتى اليوم وليس له حد وليس له حل حقداً منهم على الأصول.
 
وهذا في سياق تاريخي بحت ونحمدُ اللهَ الذي أنعم على البشرية بتطور أفكارها وظهرتْ ثقافةُ حقوق الإنسان واحترام كرامة وآدمية البشر تأكيداً للأصل البشري الواحد وصار العملُ محل احترام وتقدير.

(أُعِدَّتْ مُلخصةً من المصادر المخطوطة القديمة والمصادر الحديثة وبالله التوفيق).
مصدر الصور:
























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق