الأربعاء، 5 أبريل 2023

شينية الشاعر الشريف راشد بن مبارك آل عضيدان الأخيضرية الحسنية المُلَقَّب الخلاوي.


هذه المُفردة التاريخية تَتَحَدَّثُ عن بعض ما ورد في إحدى قصائد الشاعر الكبير الشريف راشد بن مبارك آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية وهي المعروفة بالقصيدة الشينية المنشورة في كتاب (راشد الخلاوي، عبدالله بن محمد بن خميس، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، الصفحات: ٨٨-٨٩، ٢٩٤-٣٠٦) وهذه القصيدة الشينية أنشأها الشريفُ راشد المُلَقَّب الخلاوي بعد تمرد توابع رعي الإبل من الرعيان الهنود ومن اختلط بهم على متبوعهم الشيخ الأمير الشريف أمير نجد وشيخ شمل عربانها الأمير منيع بن سالم آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية في عام ١١٥٧ هجرية وسلهم السيوف وخلعهم طاعته وأخذهم لإبله وتسببهم في سقوط إمارته بين العرب بعد تَغَلُّبِهم عليه في الواقعة التي حدثت بينهم، وتلك الرعيان المتمردة كانوا في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية المتسمين باسم راعي الإبل التابع المغولي الهندي القديم (...) ومركبين نسبهم في اسم الأمير منيع بن سالم ومتخفين في نسب واسم وحلف قبيلة عربية وينتخون باسمه، والشريف راشد بدأ قصيدته هذه بقصة مقابلته ثلاث فتيات في إحدى رحلاته إلى نواحي العراق خارج الجزيرة العربية وتَغزَّلَ بجمال إحداهن ووَصَفَ جمالها الباهر الذي حرَّك مشاعرَ الهوى الكامنة في داخله وانتقل بعدها إلى المدح والثناء على ابن عمه الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان وما كان عليه من صيت وكرم وشجاعة ثُمَّ وصف حاله بعد نكبة التوابع له وتَغَلُّبِهم عليه وعلى الأشراف الهاشمية والعرب وتوابع الطاعة وواساه بنصيحته إياه بعدم اليأس وفقدان الأمل في الرجوع إلى عهده السابق قبل نكبة التوابع له ما دام على قيد الحياة وختم أبيات القصيدة بالصلاة على آخر الأنبياء نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، والشريفُ راشد - في أبيات هذه القصيدة المنشورة- ذكر من أسماء الأشخاص: اسمه واسم ممدوحه الأمير منيع بن سالم، وذكر من أسماء الأماكن: سوق بغداد، وسآتي للتعريف بهذه الأسماء فيما يلي في ضوء المصادر القديمة المخطوطة المتناقلة جيلاً بعد جيل:

١-الشاعر راشد الخلاوي، صاحب هذه القصيدة ومنشئوها، هو الشريف راشد بن مبارك آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية الملقب (الخلاوي)، وهو ابن عم الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان المذكور ويلتقي معه في سلسلة النسب الشريفة، وزوجته هي الشريفة سلمى آل عضيدان التي زُوِّجَتْ إليه وهي صغيرة، أدرك وقتَ واقعة تمرُّد رعيان الإبل على ابن عمه الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم ولكنه لم يشترك في الواقعة ضد هؤلاء الرعيان المتمرِّدة وعلم بها بعد وقوعها في عام ١١٥٧ هجرية، وأنشأ قصيدته البائية المُسماة الروضة بعد حدوث هذه الواقعة في عام بداية الفتن ١١٥٧ هجرية يواسي فيها ابن عمه الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان ويحثه على إعادة الكرة على هذه التوابع المتمردة لإرجاعهم إلى الطاعة واستعادة أمارته واسترداد جيشه من الإبل التي أخذوها، وامتد به العُمْرُ بعد وفاة الأميرين منيع وأبيه سالم وكانت وفاته في أواخر القرن الثاني عشر الهجري، ادَّعى أنه خلاوي مرة وصليبي مرة وتنقَّل في رحلات في بوادي العرب وتخَفَّى في الهتيم والصَّلَب بقصد المغالطة في النسب للتخفي خوفاً من الملاحقة والثأر بعد واقعة قتله للذي أساء إلى جاره، والشاعر الشريف راشد ذكر اسمَه (راشد) ولقبه (الخلاوي) الذي يتخفَّى فيه بأول بيت في هذه القصيدة:

يقول الخلاوي والخلاوي راشد // على الزِّرق لَاهٍ بالدّلِّي وْلَاشْ

ثُمَّ ذَكَرَ لقبه (الخلاوي) في بيت آخر في سياق حديثه مع تلك الفتيات الثلاث في سوق بغداد:

قالَنْ: تَخَيَّرْ يَا الْخَلاوِيْ بيننا // نعِيْضكْ بالْغَالِيْ، ولكِنْ لَاشْ. 

٢-الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم بن محمد آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية، أمير نجد ومنطقة اليمامة، شيخ شمل عربان نجد وسط الجزيرة العربية، ذائع الشهرة والصيت في وقته بين العرب، المتوفى في عام ١١٧٣ هجرية، المدفون في المقبرة الأصلية بالوادي الأخضر ببلدة الغاط في إقليم سدير نواحي نجد وسط الجزيرة العربية، نكبته التوابع البيض المتمردة من أعراق مختلفة وانتبهوا جيشه من الإبل وأسقطوا أمارته في واقعة عام ١١٥٧ هجرية وهو عام بداية الفتن والنكبة الكبرى الثالثة الأخيرة على الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة في نواحي نجد وسط الجزيرة العربية في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، وفي وقت أمارته على عربان نجد قامتْ تلك التوابعُ بالتمرد عليه وخلعوا طاعته وسلوا السيوف عليه وعلى الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة وانتهبوا الأموال وسفكوا الدماء واستمروا في السلب والنهب والحرب لما يقرب من نصف قرن هجري بعد تحريضهم على التمرد، وبعد تلك الواقعة لبست التوابعُ جلود النمور وتوالى تمردُهم في البوادي والحواضر سنة بعد أُخرى حتى عام ١٢٠٠ هجرية وبعدها بسنوات قلائل، وللشريف الأمير منيع بن سالم عقب شريف، وله من الأبناء: ابنه الأكبر الشيخ الأمير الشريف سالم وبه يُكَنَّى بأبي سالم وله ذرية مع عرب الترابين في عريش ديار مصر؛ وله كذلك ابنه الشيخ الأمير الشريف عضيدان الذي قتله تابعه المجلوب (بخع) الفارسي الشرقي ومنه آل عضيدان ببلدة الغاط في إقليم سدير نواحي نجد وسط الجزيرة العربية، والشريف الأمير منيع بن سالم آل عضيدان كان في حلف أخواله في قبيلة بني عامر بن صعصعة الهوازنية ينتخي بنخوتهم في ربيعة بن عامر بن صعصعة الهوازنية ويَنْتَسِبُ إليهم حلفاً فيها، وكان في مصاهرات ورحلات معهم نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وشرق الجزيرة العربية والبصرة والكوفة نواحي العراق وغيرها، وكانت أمارته على العشائر والحكم بين العرب، وكان كأكثر الأشراف الهاشمية بدوياً في بوادي العرب في أحلاف القبائل العربية يتنقَّلون للرعي ويعيشون تحت بيوت الشعر ويَتركون توابعَهم في حراسة الموارد والديار وفلاحة الأراضي في القرى وهذه التوابع تُعْرَفُ بتوابع الديار والموارد وكانت التوابع مرتبين في ترتيب التوابع تابع يتبع تابعاً إلى أن ينتهوا في ترتيب تبعيتهم إلى الأشراف الهاشمية أخيضرية حسنية وخواورة حسينية ورسية حسنية وقواسم حسينية وجعافرة طيارية وغيرهم من الذراري الشريفة، والأمير منيع بن سالم اتخذ وادي حنيفة داراً لأمارته في منطقة اليمامة وكانت مضافته بيت شعر عند مورد الماء بالثليماء في بلدة النعمية في وادي حنيفة في إقليم العارض نواحي نجد وسط الجزيرة العربية وهي ديار أمارة أسلافه الأشراف آل عضيدان الأخيضرية الحسنية الهاشمية القرشية في القرن التاسع الهجري من أيام الشيخ الأمير الشريف عضيدان الأكبر وقبلها من أيام الدولة الأخيضرية باليمامة (٢٥٢-٤٥٠ هجرية)، وكانت القلعة بديار المجمعة في إقليم سدير نواحي نجد وسط الجزيرة العربية تحت إمارته وحصلتْ له خلافات حول أمارتها وحكمَتْ له الأتراك العثمانيين بأمارتها، وبعد سقوط إمارته وانتهاب حلاله وأمواله وتغيُّر أحواله رحل من بلدة النعمية إلى الوادي الأخضر ببلدة الغاط في إقليم سدير نواحي نجد وسط الجزيرة العربية حيث تُوُفي ودُفِنَ بها بعد ذلك في عام ١١٧٣ هجرية، والشاعر الشريف راشد ذكر الأميرَ الشريف منيع بن سالم في القسم الثاني من هذه القصيدة باسمه (مَنِيْع) في ثلاث مواضع في سياق المدح والرثاء والمواساة، وقال عند المديح:

مِضَيْتْ في دَرْبِي أَدَوِّرْ مَضنِّتِيْ // مِنِيْع الذي لاعْلَا المراتِبْ حاشْ

وقال عند رثاء الحال بعد حدوث النكبة:

وُطَاه الزمان أَسف علَى حالْةٍ بْهَا // مِنِيْعٍ وزَانَتْ للرَّدِي واللَّاشْ

وقال عند المواساة:

مِنِيْع لا تِيِّسْ وْلا تَقْطَعَ الرَّجَا // مْنَ الناسْ قَبْلِك لِك غَطَا وفِْراشْ. 

٣-سوق بغداد، السوق معروف وهو مكان البيع والشراء وتُجْلَبْ إليه السلع والمواشي ونحوه من البضائع وتتواجد به دكاكين الباعة والتجار، وبغداد المدينة المعروفة وهي عاصمة بلاد العراق، وفي هذا السوق الكائن في مدينة بغداد قابل الشاعرُ الشريف راشد تلك الفتيات الثلاث وقال:

نظرت أنا في سُوْقْ بغدادْ نظْرَهْ // ثَلَاثْ بَنَاتٍ كلِّهِنْ معاشْ. 

وأَمَّا هذه القصيدة الشينية أنشأها الشريفُ راشد بعد واقعة تمرد الرعيان في ١١٥٧ هجرية وقبل وفاة الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان في ١١٧٣ هجرية، وإنْ كانتْ مناسبة القصيدة وقسمها الأول هو التغزل على عادة الشعراء العرب القدماء ففي قسمها الثاني والأخير إشارة إلى تغيُّر الأحوال على الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان بعد ما أسقطتْ التوابع المتمردة أمارته وانتهبتْ أمواله بعد تَغَلُّبِهِم عليه ومشاركة التوابع الأخرى لهم في التمرد بعد ذلك على متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وحلفائهم من العرب وتوابع الطاعة وتحوَّلَ التابع المُتَغَلِّب إلى متبوع وتحوَّلَ المتبوع المُتَغَلَّبُ عليه إلى تابع:

تَغَيَّرَتْ الدِّنْيَا وَاْهَلْهَا تَغَيَّرَوا // وتَعَلَّى على فْرُوْخ الحَرَارْ خَفَاشْ 

َوبعدما تَغَلَّبَتْ تلك التوابع المتمردة من أعراق مختلفة وأفقرتْ متبوعيهم الأشراف الأخيضرية الحسنية الهاشمية وَصَفَتْهُم بأبشع الأوصاف والألقاب ورمتهم بأقبح التُّهَم ومحتْ ذِكْرَهُم وطمستْ آثارهم وأضعفتهم بعد القوة والظهور والتجارة والمضافات والأمارات والمشيخات والقضاء بين العرب وجرى على الأشراف الأخيضرية خاصة والأشراف الهاشمية عامة ما جرى على غيرهم من تقلُّب الزمان فهم كانوا شموساً في بوادي العرب أطفئتها تلك التوابع المتمردة آنذاك ولم يحلوا محلها وكان الشيخ الأمير الشريف منيع بن سالم آل عضيدان أول شمس أطفئوها. 
 
وهذا في سياق تاريخي بحت ونحمدُ اللهَ الذي أنعم على البشرية بتطور أفكارها وظهرتْ ثقافةُ حقوق الإنسان واحترام كرامة وآدمية البشر وصارَ العملُ محل احترام وتقدير.

(أُعِدَّتْ مُلَخَّصَةً من المصادر المخطوطة القديمة والمصادر المطبوعة وبالله التوفيق).
مصدر الصور: 











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق